اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ترجمة > الفيلسوف الإيطالي فرانكو بيراردي: الفايروس جعل الأفراد مغتربين عن بعضهم

الفيلسوف الإيطالي فرانكو بيراردي: الفايروس جعل الأفراد مغتربين عن بعضهم

نشر في: 25 يناير, 2021: 10:08 م

ترجمة : منعم الفيتوري

في اليوميات ، التي يعلق فيها بيراردي على تصاعد حدة فايروس كورونا يقول: إنّه اضطرّ لإلغاء عشاء مع أصدقائه ، وكتب في آذار قبل ذروة الأزمة " كبار السّن مثلنا في خطر " .

أنا في مفترق طرق ، إذا لم ألغ العشاء ، فقد أحمل الفايروس ، يمكن أن ينتقل إلى أخي المصاب بداء السكري . إذا ألغيت ذلك ، أصبحت موزّعاً للفايروس النفسي ، فايروس الخوف والعزلة .

بالنسبة لبيراردي الذي يكرّس تفكيره في تدهور العلاقات العاطفية بين الناس ، فإن اللحظة الحالية تقدّم دراسة مريرة. وفي كتاب له صدر مؤخرا بالبرازيل ، يصبّ جل اهتمامه في تآكل النسيج الاجتماعي ، الذي تخلّى عنه لعقود . وفقاً لذلك ، أصبحت علاقات الناس أكثر هشاشة، و أصبح العالمُ تتحكم به الرأسمالية الماديّة . ما فاقم المشكلة وزادها سوءاً، هو رقمنة العلاقات الشخصية ، مع وساطة متزايدة للشبكات الاجتماعيّة .

الفايروس جعل الأفراد مغتربين عن بعضهم ، لذا ، أصبحت العلاقات المختلفة - العمل والصّداقة والتعليم - عبر مجال الإنترنت . ما يصدم هنا أنّ ينتج عن ذلك تأثيراً عكسيّا .

ماذا لو كان الاتصال قد كسر عطلة الأعياد ؟ يتساءل في مقابلة بالبريد الالكتروني : أريد أن أقول إن الوباء سينتهي عاجلاً أم آجلاً . ( آمل ، على الرغم من أنني لا أقلّل من ذلك ) . من الممكن أن تدرك نفوسنا أن الانترنت مساوٍ للمرض .

من الممكن أن يتعب الناس من العزلة ، وحركة التضامن الاجتماعي ستمهّدُ لعودة المساعدات المتبادلة ، وانتشار الإثارة الجنسيّة . يضيف : ربّما تدفعُ العزلة معظم الشباب إلى إغلاق الشاشات ، كتذكير بوقت البؤس والعزلة .

كان بيراردي أستاذاً لنظرية الإعلام في أكاديميّة الفنون الجميلة في ميلانو ، حيث أسّس نشاطه الفكري في شوارع أيارررر ١٩٦٨ وكان قريباً من جيل دولوز وغوتاري ، الذين عمل معهم . وقد استخدم مفهوماً للإثارة الجنسيّة عبر الإنترنت . ما يحتاجه المجتمع لإنقاذه هو تفاعل اجتماعي لطيف ، مقابل العلاقات الجنسيّة الوظيفيّة ، الّتي يفرضها النّظام الاقتصادي الرّأسمالي على التّعايش .

إنها فكرة عن الإثارة الجنسية التي تغمر مجال النشاط الجنسي ، الموجود في الثقافة وسائل الاتّصال والفنون ، ولماذا لا؟ في الإغواء الذي يشغل الحياة اليوميّة .

إنّها ترى الآخر كمصدر للمتعة وليس كأداة . واختزلت الرأسماليّة الإثارة الجنسيّة إلى أداة ، لكن الحركات الاجتماعيّة لا تطلب شكلاً مختلفاً ، لكنّها أيضاً تريد المشاركة المباشرة في التوسع الجسدي ، لإعادة النشاط الجنسي للشخص الاجتماعي .

يعلّق الفيلسوف على أنّ حساسية الجسم " تبهت وتتلف " في زمن النيوليبراليّة ، وكيف يتمّ الخلط بين الرغبة من خلال الطقوس الجنسية الباردة للمواد الإباحيّة . إنّ تحليله السياسي لا ينفصل عن هذه المفاهيم .

وفي إشارة للنظام النيوليبرالي ، يقول : لثلاثة عقود ، اضطررنا إلى الإسراع حتى نكون أكثر تنافساً وشراسةً ، والتّضحية باحتياجاتنا الملموسة من أجل سحب الأموال . ثمّ فجأةً ، دخل عامل بيولوجي في التّواصل الاجتماعي ، وتسبّب في انفجار داخلي ، مما أجبر الجسم على التقاعس والتّراخي .

يكتب بيراردي في كتابه : سيسودُ الجسد الحقيقي والملموس دائماً في النّهاية ، على حساب الهياكل غير ملموسة الّتي تتحكّمُ في المجتمع . المال واللّغة يشتركان في شيءٍ ما ، إنّهما لا شيء ، ويحركّان كل شيء .

ووفقاً لبيراردي فإنّ القادة ، مثل البرازيلي بولسونارو ، سيُولون اهتمامهم دائماً - و عبثاً - بالمال والشّركات . يمكن للمؤسسات الماليّة الكبرى أن ترمي المليارات والمليارات للاقتصاد ، لكنّ المال لا يُحيي جثّة . إنّه لا يعيدُ تنشيط التّنفس في رئتينا ، ولا يمكنه أن يريحنا من الاكتئاب ، والإحباط .

إحدى المقالات التي كتبها بيراردي ، تحت مُسمّى " التّنفس " ، والتي تبدو محذّرة بشكلٍ مأساويّ ، بعد أن أصبحنا جميعاً مهدّدين من جائحة كورونا التي تهاجمُ جهاز التّنفّس ، كما يُشعر النّاسَ بالاختناق في منازلهم . وفي رأيه ، أنّ التنفس الجماعي للحشود ، مدوٍ بنفس الإيقاع ، إنّه تمثيلٌ أساسيّ لتضامن واتّحاد الأفراد .

" ولكنّ التّنفس الذي أتحدّث عنه ، مجازٌ ، فحسب . اليوجا علاج ونشاط ، تساعد الناس على التعامل مع المواقف المُقلقة . وهي تمرينٌ للواعي بطريقة تنفّسه ، وضبط للجسم الفردي مع الكونيّة . أعتقدُ أنّ الحركات الاجتماعيّة بشكل أساسي ، هي نوع من هذه التّمارين "

بالمناسبة ، فإنّ المقالة الطويلة حول الاختناق ، تُشكّل وقائع النشوة وخيبة الأمل لليسار ، عام ٢٠١٠ . إذ كانت " الانتفاضة " تحمّسّه لفرصة أنّ الربيع ، واحتلال الحركات في بداية العقد قد تخلقُ نموذجاً جديداً . والثاني : التّنفسُ ، ملوّثٌ بنتيجة حزينةٍ نوعاً ما . وما جاء بهذا النّشاط الجديد ، إعادة تأكيد " عدوانيّة للهويّة الوطنيّة والعرقية و الدينيّة " التي شكّلتْ أُسس ترامب.

بحسب الفيلسوف ، فإنّ هذه الحركات قد فشلت على المستوى السياسي ، التي أظهرت قوّة التمويل المجرّد .لكن الآن أصبحت الموارد المالية ضعيفة وفارغة .

" خلق الوباء وضعاً جديداً ، ليس للانهيار المالي ، بل للانهيار الجسدي " . والآن بنى بيراردي جداراً من الشّك ، وبإمكان أيّ أحدٍ أن يرى بعض التصدّعات .

يقول بحزم : لستُ متأكّداً بحقّ، من أنّ العالم سيكون في حالٍ أفضل. وعلى الأرجح، ربّما ندخلُ حالةً دائمة من سيطرة التقنية والعدوان والخوف الدّائم .

من الممكن ، و من ناحية أُخرى أن يظهر العالم أكثر مساندةً للمشاركة ، حيث تكون اللّذة فوق التّراكم الّذي نغذّي بها سلوكاً " مُتحرّرا من نمط الحياة المُقرف " للسنة الماضية ، على حد تعبير بيراردي . " أُفضّل التّأكيد على الإمكانيّة ، بدلاً من الاحتمال "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟
ترجمة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟

 ترجمة / المدى يريد تحالف المعارضة التركي متعدد الاتجاهات، الخلاص من إرث الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يمتد لأكثر من عقدين من الحكم المركزي للغاية والمحافظ دينيا.إنهاء دولة الرجل الواحد ينظر إلى صورة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram