TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: تخلفنا عن الامتحان الكوري

العمود الثامن: تخلفنا عن الامتحان الكوري

نشر في: 25 يناير, 2021: 10:51 م

 علي حسين

قبل ما يقارب الأربع سنوات نشرت معظم صحف "الدولة الكافرة" كوريا الجنوبية، صورة للرئيسة "بارك غوين " ، وهي دامعة العينين تقدّم اعتذارها للشعب، وتقول بصوت مرتعش: "قلبي ينفطر، من الصعب أن أسامح نفسي، أنا أنام الليل ويغمرني شعور بالأسف"، وقبل أكثر من أسبوع صدر حكم القضاء الكوري بسجن رئيسة البلاد السابقة 20 عاماً، ومصادرة أموالها وتغريمها 16 مليون دولار عداً ونقداً بسبب قضية فساد انتهت بإزاحتها من موقعها الرئاسي.

أتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تذهب بك الظنون بعيداً وتعتقد أنّ هذه المرأة التي كانت تقود واحداً من أكبر اقتصادات العالم، "لفلفت" موازنة الدولة وجعلت كوريا الجنوبية تعلن إفلاسها، أو أنها سلّمت ثلث كوريا إلى غريمتها كوريا الشمالية، ولا تفرح فتعتقد أنها وظّفت أبناءها وأشقّاءها وجعلت مسسات الدولة مقراًعائلياً خمس نجوم، جريمة "غوين " أنها سمحت لصديقتها المقرّبة أن تطلّع على خطاباتها وتتدخّل في صياغتها، وأنها لها دور في اختيار مساعدين للرئيسة، والجريمة الأخرى هي اتهام الرئيسة بأنها أقامت طقوساً دينية في القصر، لأن الصديقة هي ابنة زعيم ديني في كوريا الجنوبية، فقد اعتبر البرلمان، أنّ إقامة طقوس في قصر الرئاسة مساسٌ بالديمقراطية الكوريّة التي أصرّ فيها الدستور الكوري، على أن يضع الوطن فوق كلّ الطوائف ومذاهبها ومعتقداتها .آنذاك خرج الشعب الكوري في تظاهرات كبيرة يندد بإساءة استخدام سلطة رئيس الدولة الموكلة للرئيسة من الشعب. كما اتهمتها صحف المعارضة بأنها كانت تنوي الحصول على هدايا من رئيس مجموعة سامسونغ، ولم تكتف المحكمة بذلك بل إنها أودعت رئيس مجموعة سامسونغ السجن وحكمت عليه بخمسة أعوام ، ولم يشفع له أنه يُدخل إلى كوريا سنوياً ما يقارب الـ200 مليار دولار.

مع الأحكام التي أصدرها القضاء الكوري، تذكّر عزيزي القارئ البراءة المباركة التي صدرت بحق "المؤمن" فلاح السوداني الذي لفلف أموال الحصة التموينية، وتذكر أيضا حالة الخجل التي أصابت القوى السياسية وهي ترى الوزير ملاس عبد الكريم ينهب وزارة التجارة دون أن يقترب منه أحد لأنه ينتمي إلى عائلة دينية، وتذكر أكثر ما فعله الدباس وصلاح عبد الرزاق وأيهم السامرائي، ولكن قبل ذلك تذكر الحكم التاريخي على النائب السابق جواد الشهيلي والذي غرمه القضاء مبلغ "250" ديناراً عداً ونقداً، رغم أنه استغل منصبه وأخرج بقوة السلاح أحد المتهمين بملفات الفساد.. ولا أريد منك أن تتذكر الحيتان الكبيرة التي لهفت عشرات المليارات، فهي فوق القانون والمحاسبة.

كأنما الدرس الذي تعطيه بعض الشعوب موجّه على نحو خاص، إلى بلد نواب وساسة صدّعوا رؤوسنا بالنزاهة ، لكنهم صمتوا على الأموال التي ذهبت مطمئنة إلى " قاصات " الفاسدين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram