TOP

جريدة المدى > عام > ماذا نقرأ..ليوناردو بادورا والبحث عن تروتسكي

ماذا نقرأ..ليوناردو بادورا والبحث عن تروتسكي

نشر في: 30 يناير, 2021: 10:11 م

علي حسين

يعترف أن رواية الكسندر دوماس " الكونت دي مونت كريستو " ، غيرت حياته وحولته من قارئ الى كاتب ، فقبل أن يعثر على الكسندر دوماس كان مهتماً بلعبة البيسبول ،

ويعد نفسه لأن يصبح لاعباً مشهوراً :" بعد أن انتهيت من رواية الكسندر دوماس أيقنت أنني لن أحصل على أي مكان كلاعب بيسبول

ليوناردو بادورا المولود في العاشر من تشرين الأول عام 1955 في حي مانتيلا جنوب العاصمة الكوبية هافانا ، كانت طفولته عادية مثل أي ابن لأسرة ميسورة الحال ، الأب يحمل أفكاراً ثورية ، والأمّ متدينة ومحافظة ، أمضى طفولته وشبابه يلعب كرة البيسبول ، في صباه لم يقرأ كثيراً " كنت ألعب كثيراً ، وأقرأ قليلاً ، قرأت ما يقرأه كل طفل جول فيرن ، وقرصان إميليو سالغاري " ، في بداية حياته عمل صحفياً ، قبل أن يكتب أولى رواياته التي لم تلق نجاحاً ، فقرر التوقف لفترة قصيرة ثم عاد الى كتابة نوع من الروايات شبيه بروايات شارلوك هولمز ، بطلها مفتش الشرطة ماريو كوندي ، وقد أصدر أربع روايات نجد فيها بطل الرواية المفتش كوندي يتمنى أن يصبح كاتباً ، ويعترف أنه يتضامن مع عالم الكتاب في مواجهة عالم التضييق على الحريات ، ورغم أن ليوناردو بادورا لا يحب أن يتحدث في السياسة ، ولهذا نجده في مقال له بعنوان " أود أن أكون بول أوستر "، يشتكي من سؤاله باستمرار كيف تستطيع العيش في كوبا ؟ ، وفي كل مرة كان يجيب :" ليس لدي أي مصلحة في العيش خارج كوبا لأسباب كثيرة ، الأول هو أنني كوبي ، وهي بلدي رغم مشاكلها وقيودها ونقصها. أحتاج محيطي من أجل الكتابة. يجب أن أعرف حقيقة واقع بلادي لكي أفسره ، وإذا لم يكن هذا كافياً ، فأنا أحب العيش في كوبا. وحتى عندما أجد نفسي على خلاف مع ما يحدث أتمنى أن أبقى. أعتقد أنه من حق المرء ألا يكون متفقاً مع كل شيء: أنا أفكر وبالتالي يجب أن أمارس حق التفكير. "

يقول إن الخيال في رواياته قليل جداً :" أنا اكتب ما أراه في الواقع الكوبي، وفي الشوارع وأحاديث الناس" وهو يجد متعة في أن يجمع كلَّ ذلك في أوراق تتحوَّل شيئاً فشيئاً إلى روايات يشعر من خلالها إنه حر . يستيقظ مثل همنغواي الذي شغف به وكتب عنه رواية بعنوان "عودة همنغواي " في ساعة مبكرة ، يذهب الى جهاز الكومبيوتر ، يجلس ست ساعات متواصلة ، وما أن ينتهي من الأوراق التي كتبها حتى يسلمها الى زوجته :" زوجتي ، عادة ما تكون حادة وقاسية وهذا ما أحتاجه عندما أكتب.

ساهمت رواياته التي كتبها بطريقة بوليسية ، بتحقيق شهرة واسعة له داخل كوبا وخارجها ، وقد كشفت تلك الروايات جانباً من الحياة الاجتماعية من كوبا ، نشر العديد من الروايات، مثل "الفصول الأربعة"، و"رواية حياتي" ووداعاً همنغواي ، إلا أن عمله البارز الذي وضعه في مصاف الكتّاب الكبار هو رواية " الرجل الذي كان يحبُّ الكلاب"- صدرت عن دار المدى ترجمة بسام البزاز - وفيها يروي حكاية قاتل ليون تروتسكي.

في رواية "الرجل الذي يحب الكلاب" ، نحن أمام كاتب محبط توفيت زوجته ، وهو يتذكر كيف التقى قبل ثلاثة عقود على الشاطئ الكوبي ، برجل غامض كان يعشق الكلاب السلوقية. وسيقيم معه صداقة حميمة ، ومن خلاله يتعرف على حكاية " رامون ميركادر " الرجل الذي قتل تروتسكي .

وعلى عكس المؤرخ ، أو الباحث الاجتماعي ، يعمل ليوناردو بادورا مع شخصية تاريخية أثارت الكثير من الجدل باحساس الروائي :" قرأت الكثير عن تروتسكي وعن الحياة اليومية له وكيف كان يقضي يومه ، وقرأت أيضاً العديد من نصوص تروتسكي ، في محاولة لتحديد موقع التقاطع بين المعلومات التاريخية ومساحة التطور الدرامي المحتملة. أعتقد أن التحدي الكبير هو تحديد أي من تلك العناصر في حياة شخصية تاريخية وثوري روسي كان احد صناع حجث تاريخي كبير الثورة البلشفية في روسيا 1917 والآن هو جزء من التاريخ العالمي" .

كان كتابة رواية عن تروتسكي يمثل تحدياً لليوناردو بادورا ، ففي كل يوم تظهر معلومة جديدة عن هذه الشخصية المثيرة للجدل :" المنشورات الحديثة أجبرتني باستمرار على رؤية الأشياء من خلال عدسة مختلفة ، من ناحية ، من ناحية أخرى ، كان الغياب النسبي للمعلومات عن رامون ميركادر مخيفاً. سيأخذ منه البحث والتحري اكثر من ثلاث سنوات ، والكتابة أيضاً تستمر ثلاث سنوات أيضاً .

العام 2009 تصدر رواية " الرجل الذي يحب الكتاب " وسرعان ما تترجم الى اكثر من 20 لغة ، وفيها نتعرف على قصة حياة ميركادير بأسلوب متناسق مع لعبة القط والفأر التي لعبها ستالين مع تروتسكي منذ اللحظة التي طُرد فيها تروتسكي من الحزب الشيوعي في العام 1927 وحتى لحظة اغتياله.

الرجل الذي يحب الكلاب أشبه بثلاث روايات متداخلة ، عن ثلاث حيوات ارتبطت مصائرهم بخيط واحد ، ثلاث حيوات بشريّة، متوازية متداخلة، لكن بتواريخ مختلفة: تبدأ الرواية الأولى منفردة من عام 1929، حين نفي تروتسكي من بلاده روسيا. وتبدأ الرواية الثانية من عام 1938، حين عُرضت على رامون ميركادير فكرة القيام بعمل يدخله التاريخ. أمّا الرواية الثالثة، وهي التي تروي للقارئ القصّة كاملة، فتبدأ من عام 1977، حين التقى القاتل ميركادير بالراوي في أحد شواطئ كوبا صدفة ليستأمنه على حكايته .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram