علي حسين
ما أن انتهيت من قراءة الخبر الذي يقول إن عراقياً قتل أبناءه الثلاثة شنقاً حتى الموت، وكان أكبرهم يبلغ من العمر تسع سنوات بينما تبلغ الفتاة الصغيرة خمس سنوات وشقيقها الآخر ثماني سنوات، حتى وجدت أن هناك خبراً أكثر إجراماً حيث قامت امرأة برمي طفلة تبلغ من العمر عامين في النهر، ثم ذهبت مطمئنة لتكمل يومها ..
قبل أيام نشرت الصحافة البريطانية خبراً يقول إن امرأة اعتقلتها الشرطة لأنها تركت ابنتها الصغيرة في السيارة وذهبت إلى المتجر، ووصفت الصحافة فعلة المرأة بأنها "مشينة".
اكتبت هذه المقارنة وأنا اشعر بالأسى والألم لحجم الوحشية والسادية التي ترسخت في نفوس البعض، وكيف أن المجرم يتلذذ بشنق أبنائه لأنه يريد أن يغيض أمهم. سيقول البعض ان القتل واحد ألم يلتذذ القناص وهو يصطاد شباب في عمر الورد جريمتهم الوحيدة انهم خرجوا ضد الفساد والمفسدين ، اليست هذه جريمة لاتقل عن جريمة المرأة التي رمت ابنتها في النهر ..والجريمة الاكبر عندما تسأل ماذا فعلت الدولة للثأر من قتلة المتظاهرين؟، ولماذا لم تعلن نتائج التحقيقات في جرائم كاتم الصوت، رغم أن القضاء صدع رؤوسنا بالشفافية وحكم القانون؟ سيقولون لك هذه أسرار وأمن وطني.
ستقولون هذه حالة شاذة، وماذا عن مشاهد القتل والتعذيب التي نتفنن بها ، ماذا عن جريمة الاغتصاب التي فاحت رائحتها من سجوننا " العتيدة " التي تركناها عهدة بيد حزب الفضيلة .
هل بدا التوحش في هذه البلاد منذ اللحظة اتي قررنا فيها ان نقتل بدم بارد العائلة المالكة ؟ ، من قرأ منكم هذه الشهادة المثيرة للأسى: "رمى جندي للجموع جثة الوصي عبدالإله فجرّدتها من الملابس وراحت تسْحَلها عارية في شوارع بغداد إلى أن علّقتها على سياج أحد الفنادق، فهجم حشد من الناس وأخذوا يقطّعونها، ثم أنزلوا بقايا الجثة لتُسحل، وهناك طَعن شاب الجثة بحرْبة فخرجت الأمعاء فالتقطها رجل آخر ولفّها حول عُنقه وراح يرقص فرحاً".
كل ما نراه من على شاشات الفضائيات من انهيار لقيم الحياة، هو صناعة سياسية خالصة، فبأيدي ساستنا الأشاوس كتبت أسوأ الصفحات في تاريخ الإنسانية، لاتزال صرخ " المناضل " علي صالح السعدي يتردد صداها يأمر حرسه "القومي" : اسحقوهم حتى العظم ، " الكل مشغول بابتكار وسائل جديدة لترويض هذا الشعب : فلا مكان لانفاس الذين نختلف معهم
من أوصلنا إلى مشهد قتل طفلة عمرها عامين، ومن قبله مشاهد كانت فيها الناس تقتل بدم بارد، حيث يرى البعض فيهم أقواماً خارجة على الملّة.. موهمين البسطاء أن طريق الجنة مفروش "لاصحاب كواتم الصوت " وأن الوحشية مفتاح الإيمان؟.