TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: الموسيقيات

موسيقى الاحد: الموسيقيات

نشر في: 6 مارس, 2021: 09:12 م

ثائر صالح

أعود اليوم إلى أحد مواضيعي الأثيرة، للحديث عن الموسيقيات، يقودنا الحديث في البداية إلى السؤال التقليدي، هل هناك فن نسوي؟

أي هل يمكن تقسيم الفن إلى ذكوري (رجولي) ونسوي؟ الجواب على هذا السؤال يقودنا إلى سؤالين، إذا كان النفي، لماذا لا نعرف سوى عن القليل من الفنانات عبر التاريخ؟ وإذا كان الإيجاب ماهي الفوارق بين الفن الذكوري والفن النسوي، ولماذا لم نسمع به قبل القرن العشرين مثلاً؟

النقاشات طويلة حول هذا الموضوع. وهو مرتبط بقضية تحرر المرأة، وهذا الأمر مرّ بمراحل عديدة بحسب تطور المجتمعات واختلاف الأزمان في العمل الشاق من أجل الوصول إلى التساوي أو على الأقل التوازن بين الرجل والمرأة في المجالات المختلفة. وهذا كان الحال في عالم الموسيقى، مكان المرأة البيت. بالطبع كانت هناك استثناءات، فباربارا ستروتسي (1619 – 1677) كانت مغنية ومؤلفة مرموقة في بداية عصر الباروك ومن أوائل الأمثلة الناصعة على تحدي التقاليد لإثبات قدرة المرأة على الابداع، وقبلها هيلدغارد فون بينغن (1098 – 1179) التي برزت في تأليف الكثير من الأناشيد الدينية التي تحظى اليوم باهتمام كبير، وكانت الأديرة تعج بالراهبات اللائي تعلمن الموسيقى والغناء للمساهمة في الطقوس الدينية.

لم نسمع بوجود عازفات في الفرق الموسيقية الأوروبية (والأميركية) حتى مطلع القرن العشرين، رغم التشجيع الذي تلقاه الفتيات على مر العصور لتعلم العزف على الأدوات والغناء. فالمرأة المثقفة موسيقياً لا تستعرض فنها علناً، بل في المجتمعات الخاصة وهذه الصفة تعتبر محبذة عند الزواج، لا أكثر. السبب هو الطابع الذكوري للمجتمعات، والتقاليد التي فرضت على المرأة العمل المنزلي وإنجاب الأطفال وتربيتهم، وربما تعليمهم الموسيقى، في حين احتكر الرجل العمل بكل أنواعه، من التجارة والسياسة حتى الفنون. الحال على صعيد التأليف الموسيقي أكثر قتامة، إذ لم تتجرأ دور النشر على طبع أعمال الموسيقيات في السابق، وحتى في حالة عائلة متنورة وثرية مثل مندلسون، كانت بعض أعمال فانّي مندلسون (1805 – 1847) تطبع باسم أخيها فيلكس لتجنب رفضها من دور النشر. ولم يتحسن الأمر إلا لاحقاً، فالتغيير البطيء قد بدأ.

تأسست أول فرقة نسوية في برلين سنة 1898، أسستها ماري فورم (1860 – 1938) وكانت تلميذة للموسيقية الكبيرة وعازفة البيانو البارعة كلارا شومان (1819 - 1896). وعلينا الانتظار حتى 1913 حتى نرى أول عقد رسمي لعازفات في الفرق الموسيقية الكبيرة، هذا ما حصل في فرقة قاعة الملكة في لندن عندما قبل سير هنري وود ست عازفات، ليصبح العدد 14 في 1918.

لكن الحال ليست على ما يرام حتى اليوم أيضاً، فالفرق الكبرى لا تزال تشهد احتكاراً ذكورياً، وتتراوح نسبة العازفات بين ربع عدد العازفين في أوروبا إلى حوالي 40 % في الفرق الأميركية الشهيرة. الاستثناء السلبي هو فرقة فيينا الفيلهارمونية الشهيرة بـ"ذكوريتها"، حيث لا تزيد النسبة عن 10 %. أما فرق الشباب فالنسبة أكثر اعتدالاً، تصل المناصفة في الكثير من الأحوال، وكذلك في الفرق والتكوينات الصغيرة التي قد تغلب عليها النسوة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram