صالح الصحن
في إصدار جديد للكاتبة الاستاذ المساعد الدكتورة شذى العاملي، أتيحت لنا فرصة الاطلاع على موضوع في غاية الأهمية، ونادراً ما تم التطرّق اليه،
،وبما يتعلق بتناول مسألة "الخيال" والذي أحياناً ما نجده فصلاً من فصول بعض الكتب، ولكن كان اختيار المؤلفة لموضوع (الخيال في سينما الأطفال) عنوانا لاصدارها،المتمثل بدراسة منهجية علمية ومعرفية، عن حجم وسعة الخيال الذي يجوب عقليات وأذهان وتصورات وتخييلات مرحلة الطفولة وبحقل مشاهدة الأفلام السينمائية المصممة لذائقة التلقي عند الأطفال، ذلك ما يشكل أهمية كبيرة في التدرج المعرفي للطفولة ومستوى تفاعلها مع الطبق الفني الثقافي السينمائي الذي يقدم للطفل، وبمنهجية علمية صممت الكاتبة فصول إصدارها الثلاثة بمحتويات هامة، أغنت المساحة النظرية المسبقة بمفهوم الخيال والتخيل والمحاكاة وقوى الإدراك الحسي، ومرحلة الخيال العلمي والخيال الأسطوري العبثي، بعد مرورها بفترات زمنية متنامية، وتعدد لنماذج فيلمية ذات قصدية مبنية على حسن الاختيار،إذ توغلت الكاتبة في الآراء والأفكار الفلسفية، لعدد من المفكرين والباحثين عن فلسفة الخيال، فقد بدأت من فكرة استعادة الصور المحسوسة واستخدامها في عملية التخيل، وفي هذا يتجلى مفهوم الخيال لدى أفلاطون وقدرته على عملية استحضارالرؤية السامية لما يتناوله العقل، فيما ذهبت إلى تفعيل دور الحس والمحسوس في تكامل العملية الفكرية، مع ربط الذاكرة بفاعلية الإرادة والقصدية والدوافع التي جاء بها أرسطو، وتحلل الكاتبة ما جاء بكتاب ايمانوئيل كانت، من أن الزمان هو صورة داخلية للحس، والمكان هو صورة خارجية للحس ، وان ملكة الخيال هي ضرورة لجميع عمليات المعرفة، بعد الاستعانة بالمدرك الحسي، للتمكن من الفهم المنطقي من إدراك الصور، فيما أشارت إلى تحذير هيجل من الخلط بين الخيال المبدع والخيال السلبي، مع التركيز على ما جاء به شوبنهاور من شرط العبقرية والابتكار وربطها بالخيال لتفعيل القدرة العالية للتخيل، فيما يذهب هوسرل في كتابه" الأفكار" على أن الخيال هو تعديل متمثل في شكل صورة، يمكن إعادة إنتاجها، فيما يختلف سارتر بوصفه الخيال على أنه القدرة على نفي الواقع، ذلك ما يكشف عن عالم آخر، وقد توقفت الكاتبة عند باشلار بقوله الذي ينفي أن يكون التخيل إدراكاً عدمياً لغيبية الأشياء، رغم أنه إدراك مباشر لجوهر الموجودات، وتركز الكاتبة على أن موضوع الخيال قد شغل أيضاً اهتمام الفلاسفة والمفكرين العرب والمسلمين، فقد عرف ابن سينا التخيل على أنه" انفعال من تعجب أو تعظيم أو غم أو نشاط من غير أن يكون الغرض بالمقول اعتقاد البتة"ويري الفارابي التخيل على أنه التصوير أو التمثيل، مروراً بالمحاكاة، وبقوله، على "أن الإنسان كثيراً ما تتبع أفعاله تخيلاته، وكثيراً ما تتبع ظنه أو علمه، وكثيرا ما يكون ظنه أو علمه مضادا لتخيله فيكون فعله بحسب تخيله لا بحسب ظنه أو علمه،" وتتابع الكاتبة، أراء الكندي بثلاث قوى، الحسية والمصورة والمتخيلة، وكذلك ما جاء به اخوان الصفا، بالقوى الخمس، وهي المتخيلة والمفكرة والحافظة والناطقة والصانعة، اما ابن باجه، فقد أشار إلى ثلاث قوى نفسية هي، الحس المشترك والمتخيل والذكر،أما ابن رشد فقد ركز على قواه الثلاث النفسية وهي المتخيلة والمفكرة والحافظة، وفي فصل مستقل هو أقرب إلى التخصص، وهو ما طرحته الكاتبة من تقسيمات في الخيال السينمائي واسمته اشكال الخيال الفيلمية، التي قسمتها إلى الخيال العلمي الممزوج بالرعب والفانتازيا، والخيال الأسطوري، وأفلام الخيال الممزوج بالواقع، ولكنها كانت متوافقة مع الخيال الواقعي والفانتازي والاسطوري، وقد عززت ميلها لهذا النوع من التقسيم إلى طرح الامثلة الفيلمية التي اجادت بتوصيفها وتحليلها، وبما يحدد سمات كل منها، مثل فيلم جاك وحبة الفاصوليا ووفيلم Chess وفيلم حرب العوالم، وكذلك مرورا بفيلم رحلة إلى القمر، وفيلم ميتروبوليس، وفيلم فرانكشتاين، وفيلم الأشياء القادمة، وقد أعدت الكاتبة تقسيمات منظمة اعتمدت تصنيفات السنوات والاشكال والانواع، منها المرعبة، وما تتعلق بالفضاء، وأفلام غزو الأرض، وأفلام الكوارث، وأفلام الفانتازيا، والأفلام الأسطورية، مع كشف تحليلي للاشكال الطاغية في المعالجات الإخراجية لهذه الأنواع، والتوقف عند أنواع عديدة من الشخصيات الوهمية والخيالية والغرائبية والاسطورية والخارقة، والأطفال والحيوانات والكائنات الساحرة، وغيرها، وقد خصص الفصل الثاني من الكتاب عن التوظيف التقني للخيال في الخطاب البصري، من خلال توظيف المؤثرات الصورية في خلق الخيال، والتي قسمت إلى نوعين صورية وميكانيك