ضحى عبدالرؤوف المل
يمحو الفنان “ثائر العرداوي”( thair al-ardawi) بالفن غطرسة الانسانية وقوة الوباء المهيمن على علاقتنا بأنفسنا وبالعالم الذي أعمته التكنولوجيا البشرية
او قوة الاقتصاد والانجراف نحو الاستغلال المادي المؤدي الى هلاك الإنسانية والانتحار البطىء من خلال كوفيد 19 الذي قضى على ملايين الناس ، وبرؤية فنية سريالية تميل إلى ابعاد الوباءعن كوكب فيه الآلاف من المصابين به، وبأسلوب تراجيدي ذي تفاعل بصري ينم عن وجهة نظر فنية يعالجها" ثائر العرداوي" بمفهوم أخلاقي وعلاجي يضعنا وجها لوجه أمام سلبيات المرض والاستخفاف به، وبريشة تهدف الى خلق مؤثرات حسية من خلال السريالية المتعددة المعاني. لإبراز العلاقات الاساسية بين الفن والوباء، وبين الوباء والانسان، وبين التحديات والمخاطر التي تطرأ على كوكب الأرض . فالرأس المدحرجة والكمامة والإنسان بالقميص الأبيض والفراغات وما إلى ذلك تؤدي الى الكثير من التساؤلات عن التكنولوجيا والعلوم والطب والفشل في القضاء على وباء. مما يسمح لنا بالتفكير في هذا الوباء وسرياليته المرعبة التي تسببت في القضاء على الإنسان ، فالكشف عن الصورة السريالية للوباء من خلال الفن التشكيلي هي تحليل بصري ينتقد من خلاله العلم والأبحاث الطبية غير القادرة على مواجهة الوباء. فهل تقييم القضايا الفيروسية من خلال الفن هي رسالة تحدي لعالم لم يستطع مواجهة كوفيد19؟
إن تقييم الكثير من القضايا الوبائية في الفن هي القدرة على خلق العصف الذهني لإدخال الدهشة ، وبالتالي التفكير في الحلول بعد فشل الطب في القضاء على فايروس قضى على الانسان، وترك الحيوان في حيرة مما يحدث، وبرموز ذللها الفنان "ثائر العرداوي" بديناميكية سردية تحمل في طياتها الكثير من النظريات سواء من خلال استكشاف العلوم التي طورت المرض، وسمحت له بالتمادي الى حد وضع كمامة هي وهم وقع على الأرض بعد أن قضى أيضاً على البشرية التي تباعدت اجتماعياً ، وابعدت الإنسان عن الكثير من اهتماماته الشخصية . بل وجعلته في تدهور صحي مستمر وبعيداً عن الكائنات الحية الأخرى كالعصافير والحيوانات البيتية وما الى ذلك . فهل وحدة الانسان في ظل الوباء هي وباء قاتل بحد ذاتها؟ أم أن الفنان "ثائر العرداوي " اختار السريالية في رسم وباء محبط أدى الى الكثير من التغيرات على كوكب الأرض لشدة تأثيره وقوته في القتل ؟
تنطوي لوحات الفنان "ثائر العرداوي" الخاصة بالوباء على الكثير من المعاني التي تعصف بالممارسات الطبية بل على لغة صحية تمارس دورها في القضاء على الوباء سريالياً ، مما يفتح عالما آخر من التأملات العميقة لنتائج الطب في معالجات هذا الفايروس الذي ما زال ينتصر ويترك الانسانية في حالة من شلل بلا رأس قادر على التفكير، وهذه سريالية وبائية بحد ذاتها ، فالفن في زمن الوباء هو طفرة سريالية تخدم التحولات بمبالغات تتساوى مع النتائج التي فشلت فيها العلوم الطبية في حين أن الفن قدم رؤية جمالية تعتمد على العصف الذهني والتحدي القائم منذ الأزل بين الفن والعلم ، فالوباء الذي أدى الى تباعد الأفراد لم يستطع منع الفنان من تقديم رؤيته بصرياً من خلال ريشته وألوانه في حجر سمح بالكثير من الايماءات التشكيلية التي برزت في الكثير من الأعمال الفنية، ومنها التضامن الفني الوبائي والأشكال المختلفة من تراجيديا الوباء في الفن. فهل رد فعل الفنان على الوباء هو لوحة بناها في فترة حجر صحي تركته في حالة سريالية ؟