ثائر صالح
تحدثت قبل أسبوعين عن آلما مالر، زوجة غوستاف مالر الذي نقل السيمفونية الى أبعاد جديدة في القرن العشرين.
في البداية دعنا نناقش أتيمولوجيا الاسم، ألما أو آلما، ما معناه. نبدأ بالآرامية فهي تعني العالم، الكون، مثل العربية (بالعبرية عولام). وإذا سرنا شمالاً، صوب اللغات التركية، وحتى في المجرية، فهي بالتأكيد تعني تفاحة. لكن إن أخذنا اللاتينية، وهي الأساس المحتمل للكثير من الأسماء الأوروبية، فقد يرتبط بفعل التغذية، وبضمنها الرضاعة بذلك قد يعني الاسم المُرضعة.
لكن دعونا نتحدث عن ألما ثانية، اسمها ألما روزيه (1906 – 1944)، هي ابنة اخت غوستاف مالر، أما أبوها فهو آرنولد روزيه (روزنبلوم في الأصل، 1863 - 1946) وكان عازف كمان وموسيقياً مرموقاً قاد فرقة فيينا الفيلهارمونية لسبعة وخمسين سنة بصفته عازف الكمان الأول (كونسرت مايستر)، وقاد كذلك فرقة دار أوبرا الدولة في فيينا بين 1881 حتى 1931، وقاد رباعي روزيه الذي يعتبر من أشهر الرباعيات في وقتها. وقد أطلق اسم ألما عليها بسبب زوجة خالها ألما.
درست ألما العزف على الكمان قدمت للمرة الأولى في سن الرابعة عشرة حفلا في منتجع باد إيشل الشهير (حيث كتب فرانس يوزف امبراطور النمسا بيانه الشهير "الى شعوبي" الذي أعلن فيه الحرب على صربيا وتسبب في قيام الحرب العالمية الأولى)، أصبحت عضوة في فرقة اوبرا فيينا في 1926 وقدمت معها على صالة جمعية الموسيقى في فيينا (وهي القاعة التي تقدم فيها حفلات رأس السنة الشهيرة)، وفي 1927 أصبحت عضوة في أوركسترا فيينا السيمفونية. التسجيل الوحيد لها هو كونشرتو الكمان المزدوج لباخ سجلته مع ابيها سنة 1928.
تزوجت من عازف كمان تشيكي شهير من بوهيميا سنة 1930، هو فاشا بجيهودا (1900 – 1960) لكن زواجها فشل وانفصلا في 1935.
اشتهرت ألما روزيه بالدرجة الأولى بسبب تأسيسها فرقة موسيقية نسائية هي "بنات الفالتس الفييناويات" في سنة 1932، وكانت الفرقة عالية المستوى فنياً، قدمت حفلات ناجحة في النمسا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا، ونظمت بين 1934 – 1938 العديد من الحفلات التضامنية ضد النازية في ألمانيا، لكنها اضطرت لترك النمسا بعد ضم النمسا إلى ألمانيا (أنشلوس) سنة 1938، إذ تمكنت وأبوها الهرب الى إنكلترا بعد عام. قدمت هناك كعضوة في رباعي روزيه الذي قاده أبوها حفلاً بمناسبة الذكرى 130 لوفاة هايدن، لكنها ذهبت بعدها الى هولندا بحثاً عن العمل قبل أن تحتل ألمانيا هذا البلد، فاضطرت للتخفي، استمرت في تقديم حفلات بيتية سرية مع عازف البيانو المجري غيزا فريد (1904 – 1989)، بعد بدء تجميع اليهود الهولنديين ذهبت سراً الى فرنسا أملاً في العبور الى سويسرا المحايدة، لكن الغستابو اعتقلها ونقلت في 1943 الى معسكر آوشفيتس.
شكلت هناك فرقة موسيقية نسائية من مختلف الجنسيات حيث قامت بتوزيع عدد من الأعمال الموسيقية لهذه الأوركسترا التي تألفت من الكثير من الهواة وقلة من المحترفات. توفيت بمرض مفاجئ غير معروف في 5 نيسان 1944 قبل أشهر من تحرير المعسكر، ونجى الكثير من عازفات الفرقة لينقلن ما حدث هناك ونشاط ألما روزيه في تأسيس وقيادة الفرقة.
باخ: كونشرتو لكمانين
الحركة الأولى
الحركة الثانية
الحركة الثالثة