TOP

جريدة المدى > ترجمة > روبيرتو أرماريو.. عالم ما بعد الوباء

روبيرتو أرماريو.. عالم ما بعد الوباء

نشر في: 24 مايو, 2021: 10:47 م

 إعداد وترجمة : منعم الفيتوري

يقترح أستاذ الفلسفة بإسبانيا والمهتمّ بفلسفة كانط وروسو، روبيرتو أرماريو، عدّة افتراضات للحالة النفسية لما بعد الوباء. بداية يقترحُ: العيش مع الشّك، حيث يقول:

كان في اعتقادنا، الآن، أنّنا كنّا أكثر غطرسة، غير مبالين بحالة الشك؛ لأننا سلمنا أمر سلطاتنا للتقدم العلمي، ولا نفهم كيف لا توجد أدوية أو لقاحات فعالة متاحة منذ البداية، هذه حيرة تمهد الطريق لشكّ غادر، ينجح في زيادة تشابك الأشياء وتداخلها مع المعلومات حول وباء كورونا. ثمّ يتساءل أرماريو: ألا ينبغي أن يكون عامة النّاس متسلّحين بأمتعة فلسفية وأخلاقية تسمح لهم بتحليل هذا الوضع الفريد من أجل مواجهته كما هو الآن؟ ويقترح العودة إلى الكلاسيكيات الفلسفية، هل ينبغي التصرف بحسب الرواقية؟ وفقاً لتعاليمها، فالأمر متروك لنا، لنتصرف بشكل مستقلّ ومسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً؛ لنشعر بالفائدة عند الاعتناء بأنفسنا ومحاولة عدم إيذاء الآخرين. نظراً لأنه لا يوجد مستقبل بدون ماضٍ، فقد حان الوقت للعودة إلى أفضل الكلاسيكيّات المعروفة لنجد وصفات أخلاقية وفلسفيّة، تسمح لنا بمواجهة موقف استثنائي وغير متوقع. لكن يجب ألاّ نثق في أن حلّهم، كأنّهُ منزّلٌ من السماء.

الاقتراح الثاني هو: "التمرين على التأمل في علم الوراثة"، يقول: فلنقلد روسو أو فرويد، وندرس الإنسان الذي نتعامل معه أكثر من غيره ، نحن نقوم بتمرين تأملي ونعممه بطريقة النشوء والارتقاء، هذا ما قام به المؤلفان، أحدهما في المجال الاجتماعي والسّياسي والآخر عند سبر الكون من كل ما يقع تحت وعينا، هذه التجربة الفكرية البسيطة لها مزاياها، حيث يمكن لأي شخص القيام بها ومقارنتها.

ما كان يسمى الوضع الطبيعي الجديد اتضح أنه فشلٌ تام، لا شيء يبقى على حاله، مهما حاولنا فعل أيّ شيء، على الأقلّ، ثمّة خوف من ركوب طائرة أو التعرض للحجر الصحي أو الحجر المتتالي، حريتنا مقيدة منطقياً؛ لأن عدم الالتزام بهذه القيود له عواقب وخيمة، لكن كل هذا يترك بصماته وعلاماته في عقول الحالات التي لم تتضرّر كثيراً.

بقي ثالث اقتراح، وهو ما يتعلق بحالتنا النّفسية، واصفاً إيّاه "إدارة الإفلاس العاطفي لكارثة نفسية" ماذا ينبغي أن نفعل حيال إفلاسنا العاطفي؟ بدايةً، علينا أن نتعامل مع الكارثة المالية والاقتصادية، لكن يجب ألاّ نغفل نوعًا آخر من الإفلاس، إنّه الإفلاسُ العاطفي، لا نعرف ما إذا كان الأطفال سيتمكنون من الذهاب إلى المدرسة بانتظام، أو كيف ستتمّ الدّراسة الجامعيّة بسبب الضّائقة الاجتماعيّة، هل من المعروف أنّ العمل عن بعد منظّم دون المساس بحقوق العمال؟ هل يمكن الحفاظ على الحد الأدنى من الدخل الحيوي لكل من يحتاجه؟ هل يمكن للشركات الصغيرة أن تستمر؟ هل ثمّة أوقات سيّئة لتقدم في العمر؟ كيف سنتعامل مع شيوخنا؟

كلّ هذه الأسئلة وغيرها الكثير من ذات المعنى، نجدها في الأخبار كل يوم. نخشى جميعاً أن تكون استعداداتنا للموجات الافتراضية من العدوى الجماعية غير كافية، ما المطلوب إذًا؟ أو ما هو الحلّ في الإفلاس العاطفي؟ يجيب أرماريو: نحن بحاجة إلى جحافل من علماء النفس الذين يمكنهم تقديم المشورة لنا في هذا المأزق الذي لا نعرف مدّته ، يجب علينا أيضا منع إفلاس عاطفي افتراضي، اختلال التوازن النّفسي معدٍ كالفيروسات. دعونا نلجأ إلى العلاج الوقائي الأنسب، يمكن أن يكون هذا الكساد النفسي الكبير محطّم للغاية ، الإجراءات المضادة الممكنة تكفي لنطاق واسع، كتجميد الوقت في هذا السياق، لتجنب تقدم الساعات وقت الغسق ، وهذا له تأثير سلبي على الحالة المزاجية للسكان وفقاً للعديد من الدراسات الاستقصائيّة. يبقى أن نرى ما إذا كنا سنحتاج إلى إضافة كتاب على غرار كتاب ميشيل فوكو: تاريخ الجنون. لكن آنا ميلينديز فيفو تكفّلت بالأمر، حيث لديها أطروحة دكتوراة مفيدة للغاية، وهي خاصّة بمفهوم الصدمة: من مجال التحليل النفسي إلى الدلالات التاريخية، كما نصحت أثناء مناقشتها عن بعد عن الحالة التي فرضتها حالة الطوارئ التي أنشأت حديثًاً في ذلك الوقت، من المفيد تحليل الأهميّة التاريخية للصدمة الجماعيّة الحالية.

وختاماً يرى أرماريو أنّ قلة الاتّصال الجسدي وقلة القُبل لا تساعد في الحفاظ على الروح المعنويّة عالية. نحن في خطر أن نصبح أكثر آلية ونقوض تعاطفنا المشوّش بالفعل. نحن بحاجة إلى تربية عاطفية جديدة لمواجهة فترة ما بعد جائحة العام المصيري 2020، يبدو أننا أمام فجر عصر جديد سيكون علامةً فارقةً على وضعنا، دعونا نتعرف على كيفية فهم هذا اللغز الشيطاني معاً، وبأفضل طريقة ممكنة حتى يسير كل شيء بسلاسة؛ لأنّه، وعلى الرغم من كل شيء، فإنّ كُتّاب السيناريو الحقيقيين لمصير مجتمعاتنا هم نحن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟
ترجمة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟

 ترجمة / المدى يريد تحالف المعارضة التركي متعدد الاتجاهات، الخلاص من إرث الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يمتد لأكثر من عقدين من الحكم المركزي للغاية والمحافظ دينيا.إنهاء دولة الرجل الواحد ينظر إلى صورة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram