علي حسين
يتهمني البعض من القراء الأعزاء بأنني مصرّ على أن أجعل من كلماتي مدخلاً للتأكيد على أن السياسيين والحكومة هما سبب غياب السعادة والبهجة من حياتنا، وأنني أترصد حركات وغمزات بعض الذين دخلوا عالم السياسة "بالخطأ" لأسخر منهم..
ولأن السخرية من اللامعقول حالة غريزية كما علّمنا عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، وهو بالمناسبة لا علاقة له بالأجندات الخارجية ولم يسع لمنافسة أبو مازن على كرسي بيع المناصب الحكومية.. ولم يتآمر مع منظمة الشفافية العالمية التي تصر على أن العراق سيظل يحصد المراكز الأولى على قائمة الدول الأكثر فشلاً.. المهم أن الفيلسوف الألماني ظل يطالبنا بأن نتخذ من الضحك وسيلة لمواجهة اللامعقول الذي يحكم حياتنا التي تحفل بمضحكات عديدة، والتي كان آخرها اللقاء التلفزيوني مع النائب السابق محمود الحسن، وقبل أن أتحدث عن تصريح الحسن الـ"هزلي" اسمحوا لي بأن أشكر مقدم البرامج أحمد الملا طلال الذي أعاد إلينا ملك الفكاهة البرلمانية ، بعد أن غاب عن الشاشة وتفرغ لوضع موسوعته عن الأنظمة الديمقراطية في العالم.
فالسيد محمود الحسن فسر لنا الديمقراطية بأن لاعلاقة لها بالحريات، وإنما غايتها تنظيم الانتخابات، وأن قانون منع استيراد وتداول المشروبات الكحولية لا يعارض الحريات التي كفلها الدستور، جميل جداً، لكن الأجمل أننا اكتشفنا أن هذا القانون كان محمود الحسن أحد الذين وضعوا بنوده.. قد ألتمس العذر للسيد محمود الحسن.. فالرجل قادم من عصر قديم، يفكر بنفس العقل ، لكن ياسادة هل يعقل ان شخص مثل محمود الحسن يضع قوانين تنظم حياة العراقيين ؟! .
وحتى تكتمل فصول المسرحية الهزلية تعالوا نقلّب دفتر الفكاهة السياسية الخاص بالسيد محمود الحسن، وهذه المرة علينا أن نأخذ بنصيحة "خالنا" الجاحظ حيث يوصينا بأن المرء حين يتندر بنفسه فإنما لينفس عن غيظ مكتوم، فجميل أن نضحك وأجمل منه أن نضحك على أنفسنا، وإلا متنا من الغيظ والقهر ونحن نتذمر مما كانت تجود به قريحة الحسني أيام ما كان يوزع سندات تمليك أراضي لمواطنين بسطاء اكتشفوا فيما بعد أنها وهمية، وعندما خرج علينا، وهو القاضي، ليقول بسم الله الرحمن الرحيم: "العدل أساس الملك" معتقداً أن هذه آية قرآنية، وسجل الحسني لا يخلو من "الفلتات" الكوميدية.
وأنا أستمع لحديث محمود الحسن عن الديمقراطية، تبيّن لجنابي أن الديمقراطية ليست كما بشّر بها أفلاطون، وصاغ مفاهيمها وأسسها أرسطو، فنحن حتى لحظة ظهور محمود الحسن لا نعرف أي نوع من الديمقراطية نبغي وأي ديمقراطية سنصدِّر للبشرية، ففي الديمقراطيات الحقيقية السياسي الفاشل، يعترف بفشله ويذهب الى بيته معتزلاً السياسة، بينما في ديمقراطيتنا فإن صوت محمود الحسن نذير بساعات النحس.