TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البحث عن الدستور

العمود الثامن: البحث عن الدستور

نشر في: 13 مارس, 2023: 11:40 م

 علي حسين

كانت كل الأبواب مفتوحة أمام العراقيين ليعيشوا في أمان واستقرار بعد عقود من الحروب والاستبداد، واعتقد المواطن العراقي أن سقوط تمثال صدام في ساحة الفردوس كان إيذاناً ببداية عهد جديد في العراق، لكن أحزاب الطوائف وجدت نفسها أمام مهمة جديدة، وهي إقامة تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سجلت بأسمائهم..

 

وكان لابد من أن يضعوا القوانين التي تحمي مصالح أحزابهم وأن يشرعوا دستوراً يفرق العراقيين لا يجمعهم.. تخيل جنابك دستور يكتبه عباس البياتي ويعاونه على المهمة صالح المطلك، مع رهط من "فقهاء" المحاصصة ونهازي الفرص. الآن وبعد 19 عاماً من الفشل اكتشف ساستنا "الأفاضل" أن الدستور ملغوم وبحاجة إلى تعديلات، وأننا يجب أن نعيش سنواتنا القادمة مع دستور جديد ومُعدل تكتبه لنا عالية نصيف بمعاونة هيثم السامرائي.. شخصياً لم يفاجئني موقف الساسة حول الدستور، فلطالما استخدموا هذا الدستور للدفاع عن مصالح أحزابهم، واعتبروه تجسيدا لمبدأ المنفعة وتقاسم الغنائم، وظل المواطن الذي خرج ليقول نعم للدستور ينتظر لفتة أو بادرة أو إيماءة من دستور المحاصصة لكى يعبر إلى الضفة الأخرى، ضفة المستقبل، ويمكنك عزيزي القارئ أن تراجع تصريحات لجنة الدستور الموقرة عام 2005، وستجد أنهم جميعاً رسموا لنا الحياة بلون "بمبي" على حد تعبير الراحلة سعاد حسني. فيما أخبرنا إبراهيم الجعفري بأن المارد خرج من " القمقم".

ربما سيعاتبي قارئ كريم وأنا أعيد وأصقل بفضائل ساستنا "الأكارم"، ولكن ماذا يفعل مواطمن مثلي وهو يقرأ ويسمع هذه الأيام الدعوات الثورية لتغيير الدستور؟، ماذا أكتب وأنا أرى الذين ساهموا في الخراب منذ سنوات يصرون على مواصلة الضحك على المواطن المسكين، فيخترعون له كل يوم عدواً جديداً؟.

في كل مرة نسمع أحد السياسيين يقول إن "فراغات كبيرة في الدستور الحالي تستوجب معالجتها وإعادة صياغتها من جديد"، وإن "الدستور كتب على عجل" وكأن المواطن العراقي هو من كتب الدستور ووضع مواده.

الناس تعرف جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو"الصراع على السلطة ومنافعها"، ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد؛ هل الحديث اليومي عن الدستور يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، فبدلاً من أن يكون سعي الساسة إلى أن يكون العراق تاريخاً من الاستقرار والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة في الحديث عن أخطاء الدستور ومرة في الحديث عن قنابل الدستور، ومرات عدة في السعي إلى إقصاء الكفاءات بكل وسائل الاجتثاث.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram