TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نكبتنا الديمقراطية

العمود الثامن: نكبتنا الديمقراطية

نشر في: 16 مايو, 2023: 11:46 م

 علي حسين

بالتأكيد لا أحد من قراء العمود الثامن مستعد هذه الأيام لأن يقرأ تنظيراً عن تجارب الشعوب وصحوات الأمم، فلا شيء يعلو على صوت المصالح والامتيازات وتقاسم الكعكة. في اليومين الماضيين كنت مثل معظم العراقيين الذين ارتبطت أحوالهم بدول الجوار، أتابع الانتخابات التركية،

وكنت أمنّي النفس بأن أشاهد أحد المتنافسين من جارتنا تركيا يخرج إلى عشيرته وطائفته يطالبهم بانتخابه ، او يصرخ في الفضائيات بعد ظهور النتائج " ما ننطيها " ، ولهذا ضحكت على حالنا حين عرفت أن الكثير من الناخبين الأتراك انتخبوا كمال كليجدار أوغلو رغم أنه لا ينتمي إلى طائفتهم، فالحديث عن الطائفة والمذهب والعشيرة أمر معيب في انتخابات خرج إليها الملايين ليقرروا مصير بلادهم.

في هذه البلاد قدمنا نموذجاً جديداً للديمقراطية يصر فيه المواطن على أن ينتخب "جماعته"، ولا يهم أن هذه الجماعة سرقت مستقبله وقبله سرقت أمواله ووضعته على قائمة الدول الفاشلة.. المهم أن البرلماني من طائفتي.

ثار غضب معظم ساستنا من لافتات رُفعت في تظاهرات تشرين تطالب بإرساء أسس دولة مدنية، وتتهم الأحزاب الحاكمة بأنها تقف وراء خراب العراق ونشر الطائفية وتشجيع المحاصصة، وإرساء مبدأ انتخاب جماعتنا. لا زلت اتذكر تعليق كتبه قارئ عزيز على أحد مقالاتي يقول فيه: "سألت جاري قبل الانتخابات هل بعد كل هذا الخراب والموت ننتخب نفس الوجوه؟ فأجابني بإصرار نعم ننتخبهم، سألته: لماذا قال إنهم من طائفتنا، فأيقنت أننا نستحقهم وهم يستحقوننا". .

على الصفحة الأولى من معظم صحف تركيا ظهر المتنافسان الرئيس رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار، الأول قال إنه "سيحترم قرار الشعب لان أهم شيء هو أن لا نقسم تركيا"، والثاني خاطب ناخبيه بأن " قرار الشعب على أعيننا ورؤوسنا".

أتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تذهب بك الظنون بعيداً وتعتقد أنّني أعتقد مقارنة بما يجري في بلاد الرافدين، وكيف أن كتلة سياسية رفضت الخسارة عام 2010 وأصرت على أن تستحوذ على كل شيء، وكيف أننا في عام 2014 انتظرنا الفرج من إيران لكي تشكل الحكومة، وتكرر الأمر عام 2018، وعشنا مهزلة "الثلث المعطل" عام 2022.

تقوم تجارب الحكومات الناجحة على الصدق والمشاعر الإنسانية. فيما يعيش نظامنا السياسي على الانتهازية واحتقار المواطنة .

أُنظروا إلى الانتخابات التركية، وتمعّنوا في تصريح العضو السابق في مفوضية الانتخابات العراقية صفاء الموسوي وهو يقول بكل أريحية في برنامج أحمد الملا طلال: "نحن تفوقنا على المفوضية التركية في الانتخابات"، واسألوا أين نحن بعد عشرين عاماً من الكلام عن الرفاهيّة والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram