اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بلاد السواد

العمود الثامن: بلاد السواد

نشر في: 16 يوليو, 2023: 12:35 ص

 علي حسين

بين آثار عبد الرحمن منيف الجميلة روايته "أرض السواد" كتبها في نهاية التسعينيات،وأرض السواد هو الاسم الذي أطلقه العرب على بلاد الرافدين، والاسم يدل على خضرة ونماء. ولكن ها هي الأخبار تنبئنا بأن نسبة التصحر في بلاد السواد بلغت نحو 70%، ونقرأ في الأخبار أن وزارة الزراعة العراقية تشكو حال وأحوال الحزام الأخضر الذي يسمع عنه العراقيون كثيراً ولكن لا يروه بالعين المجردة.

قبل أكثر من شهر كنت في أبو ظبي لحضور معرض الكتاب، وكان الحديث يدور بيني وبين أحد الأصدقاء من العراقيين المقيمين في الإمارات حول الغابات التي أراها في كل مكان، وكيف تمت زراعة كل هذه الأشجار في مدينة تحيطها بحار مالحة ودرجات حرارة مرتفعة وكانت قبل عقود قليلة صحراء ، قال لي الصديق الذي يعيش في أبو ظبي منذ أكثر من ربع قرن، إن الإمارات قررت في السبعينيات أن تنشئ الغابات للاستفادة منها كمصـدات للريـاح وتثبيـت التربـة، وتذكرت مشروعنا "الحزام الأخضر" الذي تحول بفعل الفساد المالي والسياسي إلى أحزمة من الغبار. أنظر إلى أشجار القرم التي استوردتها أبو ظبي، وعندما يشاهد الوزير الشيخ نهيان بن مبارك علامات الحيرة تتلبسني،يحاول ان يرضي فضولي فيخبرني بأن الزراعة في الإمارات تعبر عن حب واخترام وعشق المرحوم الشيخ زايد للزراعة ، حتى أن الإمارات اليوم تعد على قائمة الدول في زراعة النخيل بأكثر من 40 مليون نخلة.. بماذا يذكرنا هذا الرقم؟ بنخيل العراق الذي طحنته الحروب والإهمال، ويضيف الشيخ نهيان "إننا نفهم الزراعة باعتبارها عنصراً من عناصر الاستقرار، فلا حضارة ولا تقدم بغير استقرار"، وأقرأ في واحد من الأماكن مقولة الشيخ زايد "أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة" .

كل أخبار الدول التي تسعى إلى رفاهية شعوبها كانت إيجابية، إلا أخبار بلاد الرافدين التي لا يريد لها البعض أن تنهض وتستقر ، وما ان يشعر المواطن ان هناك بوادر امل في التمية ، يخرج علينا من يهتف في الساحات والشوارع : لا بديل عنا !! حاول عزيزي القارئ أن تتأمل كم يُصرف على الأحزاب كل يوم، ومعها الانتخابات والديمقراطية الزائفة وكم يُصرف على الزراعة والسدود واعادة الحياة الى انهار بلاد الرافدين .

هناك رجال دولة ورجال مغامرات . رجال ضمائر، ورجال شعارات ، ويبدو أن جماعتنا اختاروا الشعارات، لأنّ رجل الدولة الحقيقي، يكون نزيهاً وعاقلاً والعاقل هو الذي يجد أنه من المعيب أن يعيش مواطن في بلاد لا توفر له متطلبات العيش الكريم ، مثلما فعل الشيخ زايد الذي فتح أبواب الخضرة والسعادة والاستقرار لبلاده ، وكنت كلما اتجول في ابو ظبي يُخيّل إلي أنني أنظر إلى واحدة من دول أوروبا، وفي المقابل نعيش مع ساسة يعتقدون ان التطور والتنمية رجس من عمل الشيطان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram