اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مؤامرة الكارتونة

العمود الثامن: مؤامرة الكارتونة

نشر في: 23 يوليو, 2023: 10:53 م

 علي حسين

هل شاهدت مثلي مقطع فيديو لمعلم في مدينة الناصرية يستخدم كارتونة لتخفيف الحرارة عن الطلبة أثناء امتحاناتهم بسبب انقطاع التيار الكهربائي، شاهدنا المعلم وهو يتنقل بين الطلبة يحاول أن يرطب الأجواء الحارة ويساعدهم على إكمال امتحاناتهم؟..

مقطع الفيديو الذي لا يتجاوز الدقيقة حصد آلاف المشاهدات، وحصد المعلم بسببه توبيخاً وعقوبة من وزارة التربية وتشكيل لجنة تحقيقية تبحث عن أسباب وجود هذه الكارتونة في الصف الدراسي، وهل هناك نماذج أخرى منها؟، حظي الأستاذ الحريص والمحب لطلبته بإعجاب آلاف العراقيين، فيما سخر المسؤولون في وزارة التربية من الفيديو واعتبروه يسيء للعملية التربوية التي تحظى باهتمام العالم، حتى أننا في طريقنا لنتفوق على كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان ونحصد المراتب الأولى في جودة التعليم، لكن، وآه من لكن، هاهي الإمبريالية اللعينة ومعها هذا المعلم "المدسوس" يتآمرون على بلاد الرافدين ويضعون العراق في مؤخرة الدول في مجال التعليم والتربية، فيما المسألة كلها كانت اختباراً لتحمل الطلاب كما أخبرنا أحد أعضاء اللجنة التحقيقية وهو يقول للمعلم: "هذول عراقيين لازم يتعلمون على الحر".

المؤامرة التي قادها المعلم مرتضى هدفها، بالتأكيد، الاستهانة بجهود كوكبة من العلماء الذين أداروا وزارة التربية والتعليم في العراق منذ تولي خضير الخزاعي وزارة التربية، ومروراً بفلاح السوداني ومحمد تميم، فبجهودهم استطعنا أن "نرفس" التصنيفات الدولية، فنحن أمة علمت العالم الكتابة والقوانين، واليوم تعلم البشرية كيف يصبح السياسي مليونيراً في سبع دقائق. وكيف يتمكن "نكرة" مثل نور زهير أن "يلفلف" مليارات الدولارات الحكومية في وضح النهار.

أخطاء تكاثرت حتى أصبحنا لا نفرق بين التربية باعتبارها منهجاً في تنشئة الأجيال الجديدة وبين الأجندات السياسية والحزبية التي تريد أن تحول هذا القطاع إلى ساحة صراع سياسي وطائفي. ولعل من أسوأ الأفعال التي تعرض لها التعليم في العراق في السنوات الماضية هو ربطه بالمحاصصة الطائفية، وأزعم أن في هذا الفعل إهانة بالغة لقيمة التعلم في الحياة، بحيث يتحول معها التعليم من غاية نبيلة وهدف إنساني جليل يتعلق بنهضة المجتمع، إلى مجرد وسيلة يتخذها السياسيون لتنفيذ أجندات طائفية، فتحولت المدارس والجامعات إلى ساحات لممارسة أنواع الدجل والسخرية من أي قيمة معرفية وتحول التعليم من نور لإضاءة العقول إلى "تعتيم" يراد به جر المجتمع إلى عصور التخلف، غير أن قائمة "التعتيم" في حياتنا لم تتوقف عند التربية والتعليم، فقد تحولنا في كل المجالات إلى أمة بلا مشروع حقيقي للنهضة، لأن مسؤولينانا الأشاوس مصرون على إهدار عناصر التنمية الحقيقية في مشاحنات ومنازعات مصلحية ، لنصبح بلاداً بلا تعليم محترم، ولا صناعة، ولا زراعة ، أما السياسة فكما ترون أصبحنا نستورد الحلول .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. احمد القيسي

    بارك الله بالاقلام الحرة والتي تعبر عن عمق ضمير كل مواطن مثقف الذي يحترم العراق وتأريخه وينشد النهوض بحضارته التاريخية لخدمة هاذا الشعب العريق والله الموفق

  2. Khalid muften

    معلم يستحق العقوبة لأنه إطفاء السبلت وستبدله بالكارتونة عمدا في قاعة الامتحان ( joke ) .

  3. فؤاد تالثفار

    المفروض ان تسمى وزارة التعليم بوزارة التجهيل

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram