علي حسين
شاهدتَ بالتأكيد صور الطفل موسى الذي تعرض إلى تعذيب شديد من قبل زوجة أبيه، ولم تنفع صرخاته ولا استنجاده بالشرطة المجتمعية في إنقاذه من الموت حرقاً وطعناً.. وبالتأكيد قرأتَ مثلي الخبر الذي يقول إن أب أقدم على قتل ابنته الصغيرة بعدما نشرت عن طريق الخطأ مقطعاً ظهرت فيه على تطبيق "تيك توك"، وقرأنا شهادة والدة الطفلة التي قالت فيها: إن الأب انهال ضرباً على صغيرتها بشكل عنيف، ثم بدأ بخنقها، وهو يقول: "البنت عار وفي حال كبرت ماذا سنفعل؟ لذلك يجب التخلص منها من الآن".
وبالأمس أخبرتنا شرطة كركوك بأنها أنقذت امرأتين كن محبوستين من قبل ذويهن في المنزل، إحداهما كانت مكبلة بالسلاسل لمدة 20 يوماً. هل هناك المزيد؟، نعم إقرأ هذا الخبر الذي يقول؛ إن زوجاً يقتل نساءه الاثنتين ببندقية "صجم" على طريقة قتل متظاهري تشرين، وقد قام بفعله "البطولي" أمام أعين الأطفال السبعة..
في كل مرة تنشر بيانات ونداءات من منظمات حقوقية عن ارتفاع معدلات العنف الأسري في العراق، يخرج علينا نواب "مؤمنون" وهم يصرخون: هذه منظمات مشبوهة تريد نشر الرذيلة في المجتمع، وكنا عشنا في هذه البلاد العجيبة والغربية قبل عشرة أعوام مع وزيرة للمرأة اسمها ابتهال كاصد خرجت على قناة الحرة في برنامج للزميل سعدون محسن ضمد لتقول بكل أريحية إنها لا تؤمن بالمساواة، وتعتقد أن المرأة عاجزة فسيولوجيا عن رعاية نفسها.. ومثل كل الوزراء في بلاد الرافدين أخبرتنا السيدة الوزيرة آنذاك بأن جلوسها على كرسي الوزارة هو " تكليف شرعي".
يتحدث الجميع في العراق الديمقراطي عن دور المرأة وأهمية رعاية الأطفال، لكنهم داخل قبة البرلمان لا يزالون يماطلون في إقرار قانون العنف الأسري، فالقانون حسب ما أخبرنا النائب عمار طعمة يريد أن يخرب مجتمعاتنا.. ولم يخبرنا أصحاب شعار "وا مجتمعاه " من الذي يقف وراء خراب المجتمع وضياع مستقبل أبنائه؟ ربما سيجد في الجواب حلًاً لعقدتهم من قانون العنف الأسري.
بعض القوى السياسية التي ترفع الدستور بوجه الجميع، تدفع في الوقت نفسه بالمجتمع إلى عقود من التخلف والانعزال. وأيا يكون المبرر لما يحصل في مشاهد العنف ضد الاطفال والنساء، فأن الأمر لا يخرج عن المخطط الهادف إلى العمل على أن تعود المرأة لتصبح مواطنة من الدرجة الثانية. ولأنها برأيهم "ناقصة عقل ودين" ، ولان الفتاة "ضلع أعوج" يجب تقويمه، فهم جميعا مخلصون لتربية حزبية جعلت منهم تروساً في ماكنة قهر المرأة .
يؤسفني شديد الأسف، ان يتعاطف العالم مع كارثة مقتل الطفل موسى على إنها قضية إنسانية كبرى، فيما يعتقد نوابنا الافاضل ان المشكلة في اصرار منظمات انسانية على تشريع قانون العنف الاسري، لان هذه القوانين حرام .