علي حسين
منذ سنوات، حدثت مفاجأة، حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركين في الاقتراع العام في عموم المحافظات المنتخبة لا يتجاوز الـ30 بالمئة، وأن العاصمة بغداد شكلت أدنى نسبة مشاركة.
كل العراقيين كانوا يحلمون بتغيير حقيقي، إلا القوى السياسية التي تصر على أن تمارس لعبة الديمقراطية بالوجوه نفسها، وبمشروع سياسي لا يختلف كثيراً عن المسرحية الكوميدية التي مل الناس من التفرج عليها خلال السنوات الماضية.. بعد أيام سنستعيد صوراً وأصواتاً، وخطب رنانة سمعناها من قبل، وسنشاهدهم من شاشات الفضائيات ونطالع تصريحاتهم في الصحف.. وسيجري اقتياد الناس وبالقوة لحضور حفلة سياسية أصحابها معبّؤون بكلام فارغ ومكرر من عينة "جئنا لإنقاذكم".
وجوه وأصوات يتم استحضارها في كل انتخابات، غير أن الوقائع والدلائل أكدت أن هذه الأصوات والوجوه، فشلت في أداء مهامها، ولهذا كانت الناس تتمنى أن تتم إعادة أصحابها إلى مستودعات السلع غير الصالحة للاستعمال.
حين أدار أكثر من نصف العراقيين ظهورهم للانتخابات، فلأنهم ملّوا من المطالبة بأبسط حقوقهم، في حين أصر مسؤولونا الأشاوس على التأكيد بأن من يطالب بحقوقه فإنما يستقوي بالخارج وينفذ أجندات سياسية، ولا ندري هل الدعوة إلى توفير الكهرباء تحمل في طياتها أجندة سياسية؟ وهل البحث عن فرصة عمل يحمل روائح تدخّل أجنبي؟ وهل المطالبة بسكن لائق تقف وراءها قوى إمبريالية ؟
لكل هذا أو لبعضه، قررالناس قول لا..، مرة ومرتين وثلاثاً وعشراً لكل الفاشلين الذين صدّرتهم مجالس المحافظات ليتحكموا في رقاب العباد. ورفع الناس شعار لا للمرة الألف، لأن حريتهم وأمنهم واستقرارهم يساوي أكثر بكثير من المعروض عليهم من بضاعة منتهية الصلاحية. قالوا لا، لأن آثار معركة كرامة الإنسان ما تزال باقية في محافظات: البصرة وبابل والسماوة وميسان وواسط.
قالوا، لا، لأن أميين ما زالوا يتحكمون بمقدرات الناس، فيما كفاءات نادرة تهيم في طرقات الغربة بحثاً عن الأمان بعد أن طاردتهم عصابات كاتم الصوت.
لقد تعامل المفسدون في مجالس المحافظات مع الناس بمنتهى الاستهتار والاستبداد والترويع، بل حاولوا ترويج صورة ظالمة عنهم باعتبارهم أعداء الاستقرار وأصحاب أجندات خارجية.
سنستمر بقول "لا" مدوية، لمجالس محافظات أثبتت فشلها، لأن مصائر الناس لا يمكن أن تخضع لإرادة مسؤول فاشل وفاسد. وهنا يكمن الفارق بين شعوب تصنع التقدم، وشعوب عاجزة حتى عن البقاء حيث هي.
لا أعرف ما ستفرز نتائج انتخابات المحافظات إذا تم اجرائها ، وربما تفوز نفس الوجوه ، وأنا لست بساعٍ لتنفيذ أجندة خارجية ضد "جهابذة" مجالس المحافظات، ولكني أفترض أن الناس الذين اكتووا بنيران فسادهم وإفسادهم، لا يحتملون معاناة فصول مأساة جديدة، مع وجوه "انتهت صلاحيتها" حتى قبل أن تُطرح في الأسواق..!!