TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مسرحية متواصلة منذ 20 عاما

العمود الثامن: مسرحية متواصلة منذ 20 عاما

نشر في: 4 سبتمبر, 2023: 10:33 م

 علي حسين

من بين رفوف الكتب المزدحمة بالعناوين والحكايات نشعر دوماً بأن عدداً قليلاً منها يعد الأقرب إلى النفس، لماذا؟ لأننا نجد فيها إجابات لأسئلة حائرة. يكتب أندريه جيد: "هناك كتب تصلح للقراءة في الحدائق والطرقات، وهناك كتب يقرأها المرء كمن يمشي على لحم الأرض، كم من التساؤلات يطرحها علينا أبطال شكسبير، وكم من الإجابات علينا أن نصغي إليها ونحن نسبر أغوار أحلام لير ومكبث".

 

يقال إن هتلر كان معجباً بمسرحيات شكسبير وإنه كان يحفظ عن ظهر قلب مناجاة هاملت الشهيرة "أكون أو لا أكون" ، فيما يذكر كاتب سيرته أن الفوهرر ظل يقرأ الفصل الأخير من يوليوس القيصر كل ليلة ليتمعن في خصال بروتس، فتراه كل صباح ينظر في وجوه مقربيه خوفاً من أن يكون هناك بروتس آخر مندس بينهم.

في بلدان السياسي الفاشل تتحرك حياة الشعوب وهوياتها ومستقبلها، بإشارة النصر التي دائماً ما تكون طريقاً إلى الخراب، وفي دولة المصالح والبحث عن المناصب ، لايهم أن تصبح مثل ريتشارد الثالث ترمي السهم أينما تشاء، فحيث يصيب السهم هناك الأعداء، الكل أعداء، أشهِر سيفك واضرب كما تشاء، لاتصغ لمن يقول لك إحذر إن أمامك أوهاما، الكل أعداء مادام البعض يريد من الجميع أن "ينبطحوا" تحت الفشل والخراب .

قبل أيام استضاف أحد مسؤولينا عدداً من الإعلاميين وبدلاً من أن يتحدث معهم عن مستقبل البلاد أخذ يكيل الشتائم للآخرين، فالكل في صف الأعداء ما داموا غير خاضعين لمنطق صاحب القصر، إهجم كي لا تهزم هذا هو منطق الديمقراطية العراقية ، لم تعد السياسة في عرف البعض فن الوصول إلى المستقبل، وإنما خليط عجيب من الأحقاد والانتهازية، كان الناس يأملون العيش في ظل ساسة يكونون مزيجاً من الطموح والصدق وشجاعة الحلم والسعي لبناء الوطن، فوجدوا أنفسهم مع سياسيين غارقين في الطائفية واستجداء السلطة وابتزاز كل من يختلف معهم.

كما في مسرحيات شكسبير دائماً، تظل النهاية مفتوحة على أسوأ الاحتمالات.. ألم يقل عطيل يوماً إن العدو يعيش مع الهواء الذي نتنفسه.. أما مكبث فلم يتورع لحظة واحدة عن شيء في سبيل السلطة.. فلا يهم أن تقحم البلاد في حرب أهلية، فالكل "فقاعات" مادامت السلطة تحب الكثير من القرابين.. فالسياسي مصاب بهوس الكرسي، والدواء الشافي له مزيد من الخراب والفشل... والباقي من المشاهد مؤامرات، وسعي حميم لنهب كل شيء.. ومعارك من أجل ترسيخ وجهة نظر واحدة ووحيدة.. كل مشهد يعيدك إلى مشهد أقدم.. وفي المشهدين نجد من يكذب ويسرق ويراوغ ويسرق ثم يشير بسبابته ويسألك: ألسنا في بلاد تتعرض لمؤامرات خارجية؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram