علي حسين
وأنت تتابع ما يقدم على الفضائيات من برامج حوارية، وما تجود به مواقع التواصل الاجتماعي من خطب وكتابات، لا تستطيع أن تمنع نفسك من أن تسأل: لماذا تتكرر مشاهد يسعى أصحابها إلى إهانة عقول العراقيين والسخرية منهم؟، والسؤال الأهم: لماذا يصر البعض من الخطباء المفوهين على أن يجعلوا من العراق الرقم الاخير في اهتماماتهم؟..وسؤال من جنابي : الى متى تستمر مثل هذه المهازل ؟
فى البداية كانت الإساءة إلى العراق من خلال إطلاق سهام ضد المؤسسات الدولة ومنها الجيش ، حيث خرج علينا من طالب بإلغائه، بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك حينما وصف أحدهم الجيش العراقي بالمرتزقة، ثم ذهب إلى بيته آمناً مطمئناً من أن لا أحد سيحاسبه، ولن يجرؤ أحد على مجرد سؤاله : لماذا ؟
للأسف أصبحت بعض البرامج الحوارية وضيوفها مادة للتندر، ودليلاً على انهيار كامل فى قيم الوطنية، وسعياً إلى السخرية من المواطن العراقي المغلوب على امره ، غير أن البعض ذهب بالظاهرة إلى أقصاها، فها هو شيخ يمسك المايكرفون ليتحدث وبكل صراحة يعبر موقع الفيسبوك قائلا : "شنو يعني عراقي؟ وليش تكول آني عراقي؟" مختتما محاضرته بأن لا يوجد هناك شيء اسمه عراق، وان هذه البلاد مجرد كذبة اخترعها الاستعمار . غير أن هذه الظاهرة لم تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي بل غزت الفضائيات، حتى بلغت حالة الاستخفاف بالعراق أن يخرج سياسي ليقول في برنامج تلفزيوني "أموالنا ونلعب بيها"، أتمنى أن لا تعتقد أنني أسخر من الرجل، فأنا أعترف بأنني لا أعرف شيئاً عن السيد "أبو ميثاق المساري"، هل هو نائب؟، ام محلل سياسي؟، او أستاذ جامعي؟، ام يمتلك مركزا للدراسات مثل الكثيرين؟، فالحمد لله مراكز الدراسات في العراق أخذت تنافس مراكز التجميل، ما أثار انتباهي، ما قاله الرجل في برنامج حواري مع الزميل نجم الربيعي، عندما قال، بالحرف الواحد، وهو يدافع عن المصارف التي تهرّب الدولار، وتخلق أزمة اقتصادية في البلاد: "العراق له الحق في حرق الأموال، أو تهريبها، أو رميها في البحر". ولم يكتف بذلك، بل أضاف: "هذه الأموال هي نتيحة بيع النفط، أريد اتوسدها، أسويها دوشك بكيفي" وعندما يقاطعه المذيع قائلاً: لكن هذه أموال العراق ومن حق الشعب، يجيب بكل أريحية: "بكيفي حلالي وبكيفي".
وأنت تسمع مثل هذا الحوار ستتأكد أن الجرأة في السخرية من العراقيين وحلمهم بالتغيير والعدالة الاجتماعية وصلت إلى أقصاها. وأن الخطابات والشعارات عن بناء مؤسسات الدولة مجرد أحلام يقظة يعيشها الشعب العراقي، مادام "الدوشك" جاهز لكي نضع فيه أموال النفط.