TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حاشية الفشل!

العمود الثامن: حاشية الفشل!

نشر في: 18 سبتمبر, 2023: 11:31 م

 علي حسين

هل يُمكن لشخص يحكم بسلطات مطلقة أن ينجو من الفساد الذي تولده هذه السلطة المطلقة نفسها؟ هذا السؤال ظل يؤرق ماركيز لأكثر من عشر سنوات، فأراد أن يجيب عليه من خلال روايته "خريف البطريرك " التي أراد أن تكون صفحاتها كلها جواباً على سؤال من هو المستبد؟ يقول ماركيز لصديقه يلينيو مندوزا "ما من مستبد يمكنه أن يحكم إن لم تكن هناك بطانة تهتف لكل فعل يقوم به، لا تنظر إليه إلا عبر صورة رسمتها له، على رغم تناقضها الكلي مع صورته الحقيقية عند الناس".

يعيش المسؤول الفاشل في عالم من الوهم ينسجه له المقربون من حوله.. يصنع عالمه الخاص ويعيش فيه، يتوهم أن وجوده يحقق الازدهار للبلاد أما المصفقين له والمقربين منه فنراهم أمام شاشات الفضائيات يبثون الفرقة ويعيدون إنتاج اللفشل.. حاشية المسؤول أو السياسي لا تجد نفسها إلا وهي تدور حول فلك القائد الملهم.. ويستبد بها الحماس أحياناً بأن تطالب باستنساخ هذا القائد، فيما يصر البعض أن هذا المسؤول من المصلحين في الأرض، لتضيف على مسؤول حكومي هالة من التبجيل والقداسة.

في ظل هكذا مقربين وساسة تصبح السياسة في العراق كأنها أوراق متناثرة من كتاب "الأمير" لميكافيللي كل واحد يريد أن يصبح جزءاً من نظام تسلطي، نظام لا مكان للبسطاء فيه، إلا بالشعارات والخطب وراء الميكرفونات.. فلا واجبات ولا مسؤوليات تجاه هذا الشعب، بل "منّة " إذا تنازل المسؤول وتمشى وسط حماياته في أحد الشوارع، ومنّة اذا تواضع وتحدث مع الناس عبر سياج من الحمايات المدججين بالسلاح، ومنّة إذا تكرم وحضر اجتماع للبرلمان ليناقش قانوناً يهم الملايين، ومنّة إذا وافق أن يصافح المختلفين معه في الرأي.

إن نيل المكاسب هو القيمة التي تسود ويعمل على شيوعها وتعميمها أولئك الذين يعتبرون الولاء بديلاً للخبرة والمعرفة وللوطنية، ومع أن هذا الولاء قد يرتدي قناع الحزب الذي يصنعه الحاكم أو يستخدمه لتصنيع نفسه، وليس من المستغرب أن يرى الحاكم المستبد أن القرابة هي الضمان الأول للولاء، ولهذا يكون أقرباؤه هم حاشيته وهم أول المستفيدين، تعمل الحاشية على إيهام الحاكم بأنه محبوب من الجماهير وذلك من خلال الحشود المسخرة بفعل الإرهاب المنظم لمظاهرات التأييد.

مشكلة المسؤول النرجسي والفاشل هي انعدام التواصل مع الناس، وفي عدم الثقة بالجميع وفي الاعتقاد بأن خطبه يمكن أن تكون بديلاً للمدارس والطرقات والصحة والأمن والرفاهية الاجتماعية.. في بلد المستبد الجميع يتقاتل على حقائب مليئة بالمناصب والغنائم.. وفي هذا التهافت ينسون أن هناك شعباً يعيش على حافة الخطر.

في العراق اليوم تتحول الدولة إلى حلم للمنتفعين والانتهازيين والسراق ممن يجدون مصلحتهم في مغارة علي بابا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram