TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أفواج ياوطن أفواج

العمود الثامن: أفواج ياوطن أفواج

نشر في: 19 سبتمبر, 2023: 11:16 م

 علي حسين

دائماً ما يواجهني قرّاء أعزّاء بسؤال: لماذا تعود دوماً إلى تجارب الشعوب؟ البعض من القراء يضيف: هل تتوقع أن ساستنا ومسؤولينا يهتمون لما يجري في بلدان العالم ؟

أنا يا أعزائي، لا أكتب من أجل الساسة والمسؤولين، فأنا أدرك أن الكثير منهم يعتبر القراءة رجس من عمل الشيطان، وبالتأكيد، ولست أريد منهم أن يتجولوا في الأسواق مثل ميركل أو يركبوا الدراجة الهوائية مثلما يفعل بوريس جونسون عندما كان رئيسالوزراء بريطانيا ، كل ما أريده وأتمناه أن أشاهد ضابطاً كبيراً في الشرطة أو الجيش يمشي في الشارع دون أرتال من الحمايات والسيارات المضللة، لا أقبل أن يتحسر العراقي وهو يشاهد مسؤول في بلدان العالم يذهب إلى مقر الحكومة من دون حمايات، فهذا نوع من أنواع البطر وقانا الله وإياكم "البطرانيين" امثال رئيس وزراء كندا الذي يحتضن المواطنين في الشوارع ويلتقط معهم "السيلفي". ياسادة نحن شعب يخاف على مسؤوليه بدليل أننا لا نزال نمنح الكثير من المسؤولين السابقين رواتب ومخصصات لأفراد حمايات غير موجودين على أرض الواقع، وأن معظم هؤلاء السادة يعيشون في بلدان اوربا . بل أننا ياسادة البلد الوحيد الذي يضع أفواجاً من الحمايات لشخصيات لا تملك مناصب في الدولة، ونقطع الطرق من أجلهم ونخصص لهم عشرات "الجكسارات"، فهل يعقل أن نسمح لمسؤول كبير بأن يتسوق بمفرده دون حمايات ولا مصفحات، ولا ضجيج؟. وهل من المنطق ان نسمح للناس ان تسكن بالقرب من بيت المسؤول ، وان تتلصص عليه صباحا ومساء . ستقول بالتكيد : ما أعظم المسؤول حين يؤمن أنه إنسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي أن لايخرج إلى الشارع إلا وأفواج الحمايات تحيطه من كل جانب، خوفاً من نظرات الحسد التي يحملها المواطن العراقي لمعاليه .

ولهذا اتمنى أن لا يظن بعض القراء الأعزاء أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد لا تبجل مسؤوليها وبلاد أصحاب الفخامة، لكنني أحاول القول دوماً، إن المسؤول الحقيقي مطلوب منه أن يعرف معنى التواضع وينظرون إلى العراقي باعتباره شريكاً لهم في الوطن، وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الشكوى.

ولهذا ياسادة ياكرام أجد أن الكتابة عن تجارب الشعوب، أهم وأنفع للقارئ من أخبار الأحزاب السياسية في العراق والتي تريد أن تدخل موسوعة "غينيس" وتعيد لنا حكاية علي بابا وحراميته، ولافتات العشائر التي لا تريد أن تغادر عصر الزعماء، وقوانين قراقوش التي تريد أن تعيد لنا مجالس المحافظات والتي لم تجلب لنا سوى الخراب، ولهذا وجدت أن أخباراً مثيرة عن شعوب حية، أحرى بالكتابة من بؤس الخطاب السياسي العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كاظم مصطفى

    ولكن كتاباتكم عن العالم المتحضر تزيدنا قهرا على قهر وحزنا على حزن لاننا لا نرى ضوء في نفق ساسة الصدفه للعراق

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram