TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ناعماً منعماً

العمود الثامن: ناعماً منعماً

نشر في: 4 أكتوبر, 2023: 11:26 م

 علي حسين

ليس في عنوان المقال أية سخرية أو إساءة إلى نشاطات فنية او فعاليات ثقافية يسعى أصحابها إلى إبراز الوجه الحضاري للعراق. ويتذكر القراء الاعزاء أنني كتبت في المكان عن الحملات التي قامت بها مجاميع سعت الى شيطنة الفعاليات الغنائية رافعة شعار "الغناء رجس من عمل الشيطان" ،

وكيف ذهبت مجاميع ثائرة لتغلق مكاناً ترفيهياً لأنه أعلن عن إقامة حفلة غنائية لمطرب مغربي، فيما رفع البعض شعار "الإحراق أو الإلغاء"، وكنا نسمع ولانزال عبارات من عينة "الدولة المدنية كفر وإلحاد" . فيما ظهر بعض الشيوخ يصرخون "واسمعتاه" وبالتالي أيها القارئ العزيز عليك أن تتأكد أن ما يجري أمر محير وباعث على التساؤل: هل نحن بلد يسعى لتنمية الثقافة والفنون، أم أننا نحتاج إلى ملهاة تقودها مطربة تريد من العراق أن يبقى "ناعماً منعماً"..

تتحدّث الدولة وبرلمانها العزيز دائماً عن عراق الحضارات الذي علم العالم الكتابة والقانون، واخبرنا ذات يوم وزير النقل الاسبق كاظم الحمامي بان المركبات الفضائية انطلقت من هذه البلاد قبل خمسة آلاف . إلا ان هذه الدولة ايها السادة تصر في كل مشاريعها إلى إفراغ العراق من عقوله وتسليمه "ناعماً منعماً" إلى منظمة الفشل التي تحاصر المواطن منذ سنوات ، وتقديمه ايضا ناعما منعما الى حيتان الفساد .

هل نحن دولة تسعى لمنح الثقافة دورها الحقيقي في تنمية قدرات المواطن، إذا عرفنا أن مخصصات الثقافة في الموازنة العراقية لا تعادل واحد بالمئة من مخصصات أفواج تحمي كبار المسؤولين السابقين؟... ربما يسخر البعض من كاتب عمود يدعي "المفهومية" ويخصص عموده للسخرية من مهرجان فني ؟ ولكن ماذا أفعل ياسادة ونحن البلاد الوحيدة التي تعتبر وزارة الثقافة زائدة عن الحاجة .

ماذا علينا انةنفعل ايها السادة ونحن نرى الامية تنتشر والجهل يسيطر ويراد له ان يعم في ربوع البلاد . نتحدث عن قيمة الفن وننسى أن نضع تمثالا لناظم الغزالي ونستنكف ان نتذكر مئوية محمد القبانجي ، ونصر على الاحتفال بعيد وطني لم يتفق عليه متناسين أن البلدان تبنى بالثقافة والفنون، وأن قرون مرت على هذه البلاد وهي تنثر على العالم حضاراتها وعلمائها .

في كل حديث عن العيد الوطني لهذه البلاد يشتعل صراع تاريخي بين عشاق الملكية وأنصار الجمهورية.. وتختفي أزمة الكهرباء والخدمات.. ولم نلتفت إلى ما فعلته احزاب المحاصصة من خراب في القطاع الصحي.والتعليمي والخدمي .

الذين يقلبون صفحات التاريخ، لا يريدون أن يلتفتوا لقضية مهمة جداً ، لكي تحتفل بعيدك الوطني يجب أن تكون متحرراً من العوز والفقر والخوف، لا يوجد عيد وطني من دون مستقبل مشرق للبلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram