علي حسين
كنت قد قررت أن لا أتابع برامج "التوك شو" العراقية، فهي تسبب للعبد الفقير نوعاً من أنواع التلبك المعوي لا ينفع معه اقوى مضادات الحموضة ، غير أن إطلالة الخبير الستراتيجي المفوه "عادل المانع" دائماً ما تغريني بمتابعته، فالرجل يجيد إطلاق القفشات، ويضفي على البرامج الحوارية جواً من الفكاهة.
ففي ظهوره الاخير أخبرنا مشكوراً أن السنة، وآسف لاستخدام مفردة التقسيم الطائفي ولكني أنقل ما قاله الخبير السياسي، حيث قال بان الطائفة السنية وحدها البعثية وأن البعث سني مئة بالمئة، وحسب نظرية السيد المانع فإن اجتثاث بعض الشخصيات السنية من دوائر الدولة والانتخابات قرار وطني.
منذ سنوات ونحن نعيش معركة المساءلة والعدالة، وفات أصحاب صولات الاجتثاث أن ينظروا جيداً إلى قائمة السياسيين وسيكتشفون أين تختبئ مأساتنا، ومن يحمل الأفكار الطائفية والإقصائية، وكيف أن العديد من سياسيي ما بعد 2003 ينطبق عليهم قانون الاجتثاث، ومثلما تطالبنا الدولة بعدم المساس والاقتراب من "الرموز الوطنية"، أطالب أنا العبد الفقير لله، بتطبيق المادة السادسة من قانون الاجتثاث على معظم أحزاب السلطة بفرعيها السنّي والشيعي، وهي المادة التي جاء فيها: "يطبّق القانون على جميع الأحزاب والكيانات والتنظيمات السياسية التي تنتهج أو تتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو تحرّض عليه أو تمجّد له أو تتبنّى أفكاراً أو توجّهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية".
أقرأ في كتاب غاندي "قصة تجاربي مع الحقيقة" كلمات المهاتما عن التسامح "أحسست أن تسامحي ينقل شيئين للذين يظلمونني ويسيئون معاملتي، أولاً: مدى قدرتي على تقبّل الآخر، وثانياً: قناعتي أنّ قوّتهم ستسقط يوماً ما".
لو أعدنا قراءة التاريخ مرة أخرى، لوجدنا أن الحوار هو الذي ينتصرغالباً على يـد رجال كلماتهم أقوى من المدافع، أفكر طبعاً في غاندي ونهرو، ومانديلا ولي كوان وميركل.
الذين هزموا الفوضى وكسروا خوف الناس وأعلوا كرامة شعوبهم، لم يكونوا قادة معارك المصير، ولا رافعي لافتات "ما ننطيها" كانوا رجالاً يحبّون شعوبهم لا مقرّبيهم، ويعملون لأوطانهم لا لأحزابهم، لم يقطع نهرو صلة شعبه بالماضي ولم يجتثّ المختلفين معه في الرأي ولم يبحث عن قانون للرموز الوطنية، بل أنشأ دولة تعرف معنى الحريّة والاختلاف بالرأي.
لا أريد أن أدخل في جدل مع "العلامة" عادل المانع، حول موضوعات تخصّصَ بها المفكرون من أمثاله، لكن أريد أن أسأل سؤالاً: هل تعتقد أن المواطن العراقي لا يدرك جيدا أن ما جرى خلال السنوات التي استلمت بها أحزاب السلطة بكافة طوائفها مقادير الدولة، كيف ضاعت مئات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية؟! وضاعت معها احلام المواطن بالتغيير الحقيقي ، لكن لنتيجة كانت كما لا يرد ان يرى جنابكم فشل في فشل
جميع التعليقات 1
د. عمر الجميلي
ا. على عمودك دائما متميز ويستحق اكثر من قراءة ومواضيعك دائما تدفع للنقاش والتبصر.اتَني ان تجمع تلك الاعمدة في يوما ما وتنشرها بصيغة كتاب. تمنياتي لك بالموفقية.