اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من أين لكم هذا؟

العمود الثامن: من أين لكم هذا؟

نشر في: 23 أكتوبر, 2023: 09:55 م

 علي حسين

في أولى خطواتي مع قراءة الكتب، كنتُ مغرماً بكتب من نوعيّة "كيف تصبح مليونيراً"، و"دع القلق وابدأ الحياة" وكانت كتب الأمريكي ديل كارنيجي، في تلك الأيام تعد الأكثر مبيعاً، حتى أن العديد من دور النشر تعيد طباعتها باستمرار،

وكنت وأنا الصبي الصغير أسأل بيني وبين نفسي: هل يمكن لكتاب أن يجعل منك مليونيراً؟ وحين سألت قريبي صاحب المكتبة ذات يوم عن الكتاب، قال لي بلهجة ساخرة: هذه كتب بلا منفعة، هدفها المال، لكن بعد مرور سنين طويلة وحفظي لفقرات كاملة من كتاب "كيف تصبح مليونيراً" ما زلت أنتمي إلى طائفة الذين يتبخر منهم الراتب في أول أيام الشهر. وهناك أيضا الكتب التي ترشد القرّاء كيف يؤثرون في الناس. فإذا كان المرء على موهبة مثل أحمد الجبوري "أبو مازن" أسعفته في سعيه وسهّلت أمامه سبل الإقناع، بدليل أنه عام 2018 كان عراب بورصة شراء منصب رئيس البرلمان للسيد محمد الحلبوسي، ثم نجده عام 2023، يطالب بطرد الحلبوسي من قبة البرلمان! ولهذا فهو أشطر من "جنابي" الذي أمضى حياته يكتب ويكتب، ولايستطيع أن يقنع عشرة مغرمين بالنائبة عالية نصيف بأن يحاولوا إقناعها بأن تصمت لمدة 24 ساعة .

يضع أهل العلم والمال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية. ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد. قبل سنوات أصدر بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت كتابه "الطريق إلى الأمام"، ويروي لنا أنه عندما ذاعت شهرته وتضخمت ثروته فكّر طويلاً ثم قال لزوجته لا بدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .

يكتب بيل غيتس أنه قرأ في صباه رواية البؤساء لفكتور هيجو التي وجد فيها لوحة ناصعة للتعاطف مع المظلومين والمساكين.

ستقولون، لقد صدّعتَ رؤوسنا بأحاديثك عن الكتب. ماذا أفعل ياسادة وأنا أجد الكثير من شطار الديمقراطية العراقية تحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب مليارات، ودخلوا قائمة كبار الأغنياء؟.. هل شاهدت بيوت الصفيح التي تسكنها آلاف العوائل العراقية في بلد ميزانيته أكثر من مائة مليار دولار سنوياً؟، إن لم تشاهدها أتمنى عليك أن تشاهد قصر محمد الحلبوسي.. ولا تسأله؛ من أين لك هذا؟

لم يُقبِل الفرنسيون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعجّ بالبائسين، لكن بعد عقود تتجاوز مبيعاتها المئة مليون نسخة، كتب هيجو إلى إمبراطور فرنسا أن "الحقائق التي تقدم لجلالتكم ما هي إلا أكاذيب يحاول المحيطون بك أن ينشروها على أنها حقائق". يحزنني ايها القارئ العزيز أن أخبرك أنّ معظم سياسيينا يعتقدون أنّ الفقر عقاب للعراقيين لأنهم لايسبّحون بحمد الديمقراطية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    السلام عليك اخ علي انا متابع يومي لكتاباتك ومعجب بكلامك المؤثر وصياغته الرشيقة ولكن لي عتب ف البؤساء ترجمة خاطئة لرواية هوگو والصحيح البائسون تحياتي ودمت سالما...............

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram