علي حسين
في أولى خطواتي مع قراءة الكتب، كنتُ مغرماً بكتب من نوعيّة "كيف تصبح مليونيراً"، و"دع القلق وابدأ الحياة" وكانت كتب الأمريكي ديل كارنيجي، في تلك الأيام تعد الأكثر مبيعاً، حتى أن العديد من دور النشر تعيد طباعتها باستمرار،
وكنت وأنا الصبي الصغير أسأل بيني وبين نفسي: هل يمكن لكتاب أن يجعل منك مليونيراً؟ وحين سألت قريبي صاحب المكتبة ذات يوم عن الكتاب، قال لي بلهجة ساخرة: هذه كتب بلا منفعة، هدفها المال، لكن بعد مرور سنين طويلة وحفظي لفقرات كاملة من كتاب "كيف تصبح مليونيراً" ما زلت أنتمي إلى طائفة الذين يتبخر منهم الراتب في أول أيام الشهر. وهناك أيضا الكتب التي ترشد القرّاء كيف يؤثرون في الناس. فإذا كان المرء على موهبة مثل أحمد الجبوري "أبو مازن" أسعفته في سعيه وسهّلت أمامه سبل الإقناع، بدليل أنه عام 2018 كان عراب بورصة شراء منصب رئيس البرلمان للسيد محمد الحلبوسي، ثم نجده عام 2023، يطالب بطرد الحلبوسي من قبة البرلمان! ولهذا فهو أشطر من "جنابي" الذي أمضى حياته يكتب ويكتب، ولايستطيع أن يقنع عشرة مغرمين بالنائبة عالية نصيف بأن يحاولوا إقناعها بأن تصمت لمدة 24 ساعة .
يضع أهل العلم والمال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية. ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد. قبل سنوات أصدر بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت كتابه "الطريق إلى الأمام"، ويروي لنا أنه عندما ذاعت شهرته وتضخمت ثروته فكّر طويلاً ثم قال لزوجته لا بدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .
يكتب بيل غيتس أنه قرأ في صباه رواية البؤساء لفكتور هيجو التي وجد فيها لوحة ناصعة للتعاطف مع المظلومين والمساكين.
ستقولون، لقد صدّعتَ رؤوسنا بأحاديثك عن الكتب. ماذا أفعل ياسادة وأنا أجد الكثير من شطار الديمقراطية العراقية تحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب مليارات، ودخلوا قائمة كبار الأغنياء؟.. هل شاهدت بيوت الصفيح التي تسكنها آلاف العوائل العراقية في بلد ميزانيته أكثر من مائة مليار دولار سنوياً؟، إن لم تشاهدها أتمنى عليك أن تشاهد قصر محمد الحلبوسي.. ولا تسأله؛ من أين لك هذا؟
لم يُقبِل الفرنسيون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعجّ بالبائسين، لكن بعد عقود تتجاوز مبيعاتها المئة مليون نسخة، كتب هيجو إلى إمبراطور فرنسا أن "الحقائق التي تقدم لجلالتكم ما هي إلا أكاذيب يحاول المحيطون بك أن ينشروها على أنها حقائق". يحزنني ايها القارئ العزيز أن أخبرك أنّ معظم سياسيينا يعتقدون أنّ الفقر عقاب للعراقيين لأنهم لايسبّحون بحمد الديمقراطية .
جميع التعليقات 1
Anonymous
السلام عليك اخ علي انا متابع يومي لكتاباتك ومعجب بكلامك المؤثر وصياغته الرشيقة ولكن لي عتب ف البؤساء ترجمة خاطئة لرواية هوگو والصحيح البائسون تحياتي ودمت سالما...............