علي حسين
في كل مرة أشاهد فيها "الخبير" نجاح محمد علي من على شاشات الفضائيات أؤمن أن مهنة "المحلل السياسي" قد تم ابتذالها، وتحولت إلى صورة كاريكاتيرية وصلت إلى أقصى حالاتها الكوميدية بعد أن خرج علينا "المحلل المعارض" أحمد الأبيض يخبرنا أن بايدن قال لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في آخر مكالمة تلفونية : "يابه دروح ..وسد التلفون بوجهه". في كل يوم نشاهد محللين سياسيين يصرخون ويولولون ويقدمون مشاهد ميلودرامية تثبت بالدليل القاطع أننا نعيش عصر الهلوسات الفضائية.
قبل أيام قليلة خرج علينا السيد نجاح محمد علي كعادته يصول ويجول ليخبرنا أن صواريخ معركة "طوفان القدس" ستغير اتجاهها وتضرب السعودية والإمارات ومصر، فهي الاحق بالضرب على حد قول جنابه . تتذكرون بالتاكيد نجاح محمد علي الذي كان يخرج من على قناة العربية يلعب دور شارلوك هولمز ويتحدث عن المؤامرة التي تقودها إيران ضد العالم. تلك المشاهد التي كان يظهر فيها قبل أن يتحول إلى مغرم بإيران وكاره لكل شيء عراقي.
لا أريد أن أجادل خبيراً بالصواريخ، ولا أريد أن أذكره عندما هاج وماج لأن البصرة أقامت بطولة الخليج، آنذاك طالبنا بأن نلتحق بإيران ونصبح جزءاً من بلاد فارس، وأتمنى أن لا يعتقد البعض أنني أتجنى على السيد نجاح، فبإمكان موقع اليوتيوب أن يعرض لكم ما يقوله الان ضد العراق وكا كان يقوله بالامس ضد إيران .
وقد قيل ما قيل في أسباب تقلّب بعض المحللين من اليمين إلى اليسار، وبالعكس، الكثير من الكلام، إلا أنّ أحداً لم يخبرنا حتى الآن، أين اختفى "المدني" حمد الموسوي الذي تحول من لفلفة أموال مزاد بيع العملة، إلى تأسيس حزب مدني مهمته إشاعة الحياة الثقافية في البلاد، بعدها تبخرت المدنية وعادت حليمة إلى عادتها القديمة بلفلفة أموال مزاد العملات.
نجاح محمد علي وجوقته ممن لا يريدون الاستقرار للعراق ويتوهمون أن باستطاعتهم اللعب على أكثر من حبل، لكنهم للأسف لا يعرفون أن ظهورهم المتواصل على الفضائيات يكشف سقوط الأكاذيب التي يروجون لها، وهم يصرون على توريط العراقيين بالحرب. والمشكلة الحقيقية ليست في تصريحات نجاح ، فمثله بالعشرات، لكن الغريب أن السيد نجاح يتقاضى راتباً من العراق باعتباره مجاهد "سابق"، لكنه في الوقت نفسه يتمنى أن يزول العراق من الخارطة .
منذ سنوات تكررت ظاهرة لا وجود لها إلا في هذه البلاد المغرقة بالخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض أن يهين كل شيء عربي ، ويطمس دور العراق في سجل الحضارة العربية .
يكتب ريجيس دوبريه إن: "الناس تدرك جيداً أن الانتهازي يتعكّز على فضيلة النسيان". وهذا للأسف ما يحاول أن يتعكز عليه نجاح محمد علي.