علي حسين
متى تنتهي حقبة المحللين السياسيين الذين بعرفون كل شيء وأي شيء؟،هل صورة المحلل السياسي التي قدمها لنا السيد "هاشم الكندي" وهو يسخر من المدنيين والليبراليين ويتهمهم بالتآمر على فلسطين ، جزء من الحملة التي دائماً ما تشنها أحزاب السلطة على القوى المدنية؟. قبل أيام خرج علينا السيد المحلل ليقول إن المدنيين ومن معهم، ويقصد الشيوعيين، حولوا القضية الفلسطينية إلى قصائد وأغاني، وإن الكثير منهم يتاجر بفلسطين.
وقبل أن يلقي علينا السيد هاشم الكندي خطبته الرنانة التي أخبرنا فيها أنه الأحق بالحديث عن فلسطين، وقبل ان يتهمني البعض بالخيانة ، احاول ان اذكركم كيف قرر بعض القوى السياسية في العراق في زمن العلّامة "إبراهيم الجعفري" أن تجرد الفلسطينيين المقيمين في العراق من الحقوق والامتيازات كافة الممنوحة لهم منذ عام 1948. ولا أدري هل كان المدنيون وراء المطالبة بطرد جميع الفلسطينيين من العراق؟، وهل هم الذين استقلوا السيارات المضللة ليجبروا عوائل كاملة على ترك منازلها واستولى عليها ؟، للاسف وسط الدمار الذي تعاني منه غزة، وقتل الأطفال والأبرياء على يد الماكنة الإسرائيلية المجرمة، وسط كل هذا يخرج علينا من يعتقد أنه وحده صاحب الحق في الدفاع عن القضية الفلسطينة، دون أن يعرف بالتأكيد أن الشيوعيين كانوا أول من حمل السلاح إلى جانب الفلسطينيين ، ولم يقدموا الأغاني والقصائد فقط ، وإنما قدموا دماءهم وفكرهم لدعم قضية الشعب الفلسطيني.
اليوم أصبحنا تائهين ونتساءل؛ أيهما أخطر على المواطن، الحديث عن حل الدولتين، وهو قرار بصمتْ عليه الدولة الفلسطينية بالعشرة ومنها حماس ، أم وضع قوانين تساعد المواطن العراقي؟، قوانين للضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي؟ قوانين تعالج البطالة ونقص الخدمات وانتشار الرشوة..
عاش العالم العربي في ظل الاستعمار الذي ترك لنا أكبر مأساة، عندما تآمر لاستبدال الكيان الصهيوني بفلسطين. غير أنه ترك لنا أيضاً انقلابات عسكرية وأحزاب قومجية وتنظيمات دينية كانت ذريعتها الوحيدة لاضطهاد الشعوب والضحك عليها هي قضية فلسطين التي يرفع شعارها الثوار الكذبة الذين وصفهم مظفر النواب أصدق وصف: من باع فلسطين سوى الثوّار الكتبة؟
سيقول البعض: ماذا تريدُ أن تقول؟ هل نصفّق للمحتل الأميركي؟ لا ياسادة فالذين صفقوا للأميركان عام 2003، هم لاغيرهم من يشتمون الأميركان اليوم في الفضائيات، ولا تصدقوا أنها صحوة ضمير، بل البحث عن الذي يدفع أكثر.
وأنا استمع لحديث السيد هاشم الكندي، ذكّرني بشخصية " المحلل " التي مثلها عادل إمام في مسرحية "الواد سيد الشغال" ، فمحللنا السياسي يجنح في أحيان كثيرة للكوميديا، حين اخبرنا ذلا يوم أن تظاهرات تشرين تسببت في خراب العراق وضياع مئات المليارات