علي حسين
قد تبدو عبارة "كبر الصمونة وزغر الصورة" أشبه بحكاية نسجتها مخيلة البسطاء من العراقيين، فلا تزال الناس تذكر زهد ونزاهة عبد الكريم قاسم، ولا يزال البعض ينسج قصصاً عن الرجل الذي لم يكن يحمل في جيبه أكثر من خمسة دنانير،
ربما سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم دكتاتور عسكري، لا يفقه في السياسة شيئاً، لكني ياسادة لم أخصص هذا العمود للحديث عن ما جرى قبل أكثر من نصف قرن، فما يجري من أحداث ومواقف في بلاد الرافدين تجعلنا والحمد لله لا نلتفت إلى الماضي، بل نتحسر على المستقبل الذي يربطه البعض بانتخابات مجالس المحافظات، ولهذا ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تترك صمونة عبد الكريم قاسم، وتتأمل ما قاله السيد نوري المالكي قبل أيام قليلة معلقاً على تمزيق صور مرشحي ائتلاف دولة القانون فقد اخبرنا بكل صراحة : "إذا مزقوا واحدة فسنضع اثنتين بدل الواحدة حتى نصل بمسعانا إلى ما نريد".. وأتمنى عليك أن لا تسأل السيد المالكي ما هو مسعاه، ولا تتوهم مثلي أن ائتلاف دولة القانون سيراجع الأخطاء التي ارتكبها أثناء توليه مسؤولية إدارة مؤسسات الدولة، فأنا وأنت عزيزي القارئ نعرف جيداً أن قياديي ائتلاف دولة القانون يتصورون أننا شعب فقد الذاكرة، وأن ما مضى انتهى وعلى هذا الشعب أن يُصفّر العداد، ويبدأ مع ائتلاف دولة القانون مرحلة جديدة، مشفوعة بخطابات وهتافات عن إصلاح الدستور والخدمات، ومحاربة الفساد والمحسوبية والطائفية، وسنجد السيد المالكي يغرد حتماً وهو يتساءل عن الأسباب التي أدت إلى انتشار الرشوة، وسيختتم التغريدة بالتأكيد بالحديث عن القانون وضرورة محاسبة الخارجين عليه.
بعد حديث السيد المالكي عن تعويض الصورة بصورتين، هل يسمح لنا أن نسأل: من يعوض المواطن العراقي السنوات التي ضاعت من عمره بعد أن سلمت الدولة إلى فاشلين وسراق وطائفيين؟، من يقنع المواطن العراقي بأن الذين سرقوا حلمه بالتغيير والتخلص من دكتاتورية صدام، سيحاسبون وسيدفعون ثمن فشلهم ، من يقته المواطن العراقي وهو يرى نسبة الفقر في العراق تقفز والبطالة تحاصر الشباب، والصناعة صفر، والزراعة مهزلة، والاقتصاد خراب، والسياسة تحولت إلى مزاد لبيع المناصب ، ان الذين اجهظوا احلامه لا مكان لهم في الانتخابات الجديدة .
كم هي بسيطة هموم العراقيين، أن يعرفوا مثلاً، لماذا لا يزال في العراق مواطنين مهجرين من مدنهم وبيوتهم، نرجو إفادتنا. أنا لم أعد أتابع التفاصيل وسأكتفي بمتابعة أخبار مشعان الجبوري الذي أخبرنا أن الخلاف بينه وبين الحلبوسي على من يستطيع السهر إلى ساعات الفجر.
يا سيدي لم يعد ممكنا خداع العراقيين بزيادة عدد الصور ، فالعصر اليوم عصر صورة الواقع، لا صور الخطابات.