علي حسين
رسائل كثيرة تصلني من قراء أعزاء.. الكثير منها يعتقد أصحابها أن ما نكتبه لا يلقى صدى لدى المسؤولين.. وأنهم يواجهوننا بالمقولة الشهيرة "حجي جرايد" والبعض الآخر يرى أن العلة ليست في الحكام وإنما في المحكومين الذين يصرون دوماً على الانقياد لأهواء ورغبات المسؤول والسياسي .. من بين هذه الرسائل رسالة لقارئ ذيّلها باسم حسام يقول فيها:
"يا أخي والله أنت تعذبني بكتاباتك أنا من القراء الدائمين للمدى.. قبل أيام أنا وجاري كنا مشغولين بتصريف الأمطار في الشارع وضعنا مجموعة من الطابوق والحجر ليكون ممراً لعبور طلاب المدرسة، وشتمنا الحكومة المحلية لعدم اكتراثها بمعاناة الناس ووصلنا بالحديث عن الانتخابات، فسألت جاري هل بعد هذا كله ننتخبهم؟ فاجأني: نعم ننتخبهم، سألته: لماذا قال إنهم من طائفتنا، فأيقنت أننا نستحقهم وهم يستحقوننا".
. يكتب الفرنسي جلين بليك في كتابه المجادلة مع الحمقى "إن للحمقى أيضا من يعجب بهم وهم الأكثر حماقة منهم"، وقديماً خصص أحد التقاة "ابن الجوزي" كتاباً سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين وضع فيه وصفاً للحمق قال: "معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، بخلاف الجنون، فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعاً، فالأحمق، سلوكه الطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة".
العام 1885 أطلق بول لافارغ السياسي من أصل كوبي وصهر ماركس مقولته الشهيرة حول الحق بالحماقة، كانت المقولة في حينها مدهشة وجديدة وتعبر عن نوع من الحزن والأسى إلى ما وصل إليه مجتمع الساسة آنذاك من الاستهتار بمقدرات الناس وعقولهم في مجتمعات شديدة الضغط على الإنسان، ويبدو أن مفهوم الحماقة اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلم أمرها بيد مسؤولين فاقدي الصلاحية والأهلية ويكفي أن نأخذ عينات من الحكومات التي مرت على بلاد الرافدين كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت من المواطن المسكين لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة، فالإنسان الذي أطلق عليه هربرت ماركيوز اسم الكائن الخلاق، تحول في مجتمعاتنا إلى كائن عاجز".، ولهذا لم استغرب وانا اسمع مستشار للحكومة يقول بالحرف الواحد "التنظيمات الإرهابية السنية"؟، وعندما تسأله المذيعة لماذا تحدد الإرهاب بطائفة معينة ؟ ، يبدأ بإلقاء محاضرة عن قانون الإرهاب.
يشعر المواطن كل يوم أنه وسط حلبة مصارعة يتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالح ؟ هل الحماقة أن ندفع أعمارنا لنستمع الى مستشار يشيع الحماقة الطائفية .إنها محنة وطن يعتقد فيه المسؤول والسياسي ان الطائفية هي طوق النجاة لمنصبه .