TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الخوف من الفرح

العمود الثامن: الخوف من الفرح

نشر في: 1 يناير, 2024: 10:00 م

 علي حسين

في كل مناسبة للفرح وبث السعادة في نفوس الناس ، يخرج علينا من يقول محذراً : ياجماعة حرام، نحن شعب منذور للحزن ، يضاف لها بالتأكيد البطالة والشعارات الزائفة والوعود التي دائماً ما تتبخر بعد كل انتخابات ، وقائمة من المحظورات وضعها لنا مشكوراً النائب السابق محمود الحسن أين تذهب ، وبينما العالم يسعى لإسعاد شعوبه ، نصر نحن على مطاردة الفرح في شوارع المحافظات ، فنجد من يفشل في تقديم الخدمات يتحول إلى خطيب للفضيلة ، ومن يسرق المال العام يلقي مطولات عن النزاهة. الكل يرفع شعار " الخوف من الفرح " !.

تذكرت جماعة " ممنوع الفرح " وأنا أعيد قراءة كتاب بعنوان " ضد السعادة " لمؤلفه الحزين السيد " إيريك جي. ويلسون " وفيه يجمع لنا الأسباب التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف يقول لك: نستيقظ على الذعر الذي يملأ العالم، بدءاً من الحروب المنتشرة في جميع أطراف الكرة الأرضية وانتهاء بالفتحات في طبقة الأوزون، الأسلحة النووية التي تنتشر في جميع قارات العالم، الإنسان المهدد بالانقراض بواسطة الحروب والأمراض.

ولم يكتف السيد المؤلف بذلك فهو يصر على أن ، "الحزن منبع الإبداع، ومصدر كثير من الفنون والشعر والموسيقى العظيمة. كافكا، تينيسي وليامز، وفلويبر وأيضا ستندال، جميعهم كانوا كئيبين".

أترك صاحبنا وخططه في نشر الحزن وأقرأ وأشاهد ما فعله بعض المسؤولين في مطاردة المرحوم " بابا نويل " واتهامه بأنه يخطط لمؤامرة ضد العراق والسعي لإقرار تشريعات وتوصيات تعيد العراق إلى زمن العصور الوسطى فالموسيقى حرام لأنها تثير الغرائز، والغناء رجس من عمل الشيطان، والفرح مهنة أصحاب الدنيا ونحن نريد أن نؤسس لثقافة الحياة الآخرة، زينة المرأة غواية، الضحك طريق إلى جهنم.

كم ضاع من زمن على هذا الشعب الذي يريدون له أن يظل بائساً خانعاً خائفاً ذليلاً تحت أقدام الساسة، وأن يجرَّد من إرادته وخياراته.. كم ضاع من أعمارنا في ظل حكومة وبرلمان صوروا للناس أن الفرح والسعادة، إنما هي خروج على سلطة الدِّين وإرادة "القائد المنقذ"، وأن الضحك والفرح "اختراع إمبريالي" بدليل أن العميل الأممي بان كي مون قرر أن يجعل من هذا اليوم عيداً للسعادة؟!

يتشابه البؤس مع الخراب، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من فاشلين ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. لكنهم فشلوا في خطف الفرح، ففي اللحظة التي حذروا الناس فيها من إشاعة البهجة ، خرج ملايين العراقيين ليعلنوا اننا شعب يحب الحياة . ظلت الناس ليلة رأس السنة تصر على توزيع الفرح والسعادة واحياء الامل في القلوب التي يراد لها أن تظل كئيبة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram