علي حسين
يتعامل العراقيون مع الأخبار مثلما يتعاملون مع النكات ، فعندما يصرح نائب عن نية البرلمان تشريع قانون ، يتساءل المواطن : لمصلحة من ، للناس ام للكتل السياسية ؟ .. منذ سنوات تناقش الدولة ظاهرة العُطل التي تأكل أكثر من نصف السنة ..
طبعاً أصحاب الحل والربط في بلاد الرافدين يجدون أن هذه العطل مفيدة حيث يتمتع بها المواطن في جزر هاواي، أو يقضي بعضاً منها على سواحل الأطلسي، وأتمنى عزيزي القارئ أن لا تعتبر الأمر مجرد نكتة ، فالبرلمان حريص على أن يعيش المواطن في بحبوحة ، فما فائدة العمل ونحن نملك آبار هائلة من النفط والثروات ، تضاف لها عقول سياسية حولت العراق من صحراء جرداء إلى مدن عملاقة تضاهي وتتفوق على أجمل مدن العالم ، ولم يتطلب الأمر سوى ظهور متواصل للنائبة عالية نصيف ، وفذلكات من قبل مشعان الجبوري وجرعة نزاهة زائدة يمنحها لنا النائب مثنى السامرائي ووصايا نحفظها عن ظهر قلب من كتب علامة العراق إبراهيم الجعفري . قد يقول البعض إنني أحاول في هذا الجو السياسي المأزوم ترطيب الأجواء وكسر الملل، غير أنه بات من الواضح أن منطق الجهل وإعلاء شأن الفشل سيظل يحكمنا .
للأسف نحن نعيش اليوم مع برلمانيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون يعلنون عن وجودهم عبر إشاعة مفهوم الطائفة الضيق، بديلاً عن مفهوم المواطنة الذي يجمع كل العراقيين. سياسيون ومسؤولون يتركون تعهداتهم أمام الشعب ليمارسوا لعبة خلط الحق بالباطل، التي تدفع الناس للتساؤل: هل هناك قوانين تراعي مصالح آلاف اليتامى والأرامل؟ وهل حقاً نعيش عصر التغيير؟ وتحققت أهداف العراقيين بالديمقراطية والعيش في ظل نظام يؤمن عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية؟ .
ماذا نريد أن نعرف بعد ذلك؟ الصناعة صفر.. ، التربية والتعليم بلعته المدارس والكليات الاهلية ، الإسكان بلا مشاريع، الاستثمار متوقف حتى إشعار آخر. التنمية في خبر كان، والناس مشغولة بالمنجزات الوهمية التي يصدرها مجلس النواب ، وبالدولار الذي يلعب بقوت المواطن ، وبحكاية نور زهير ومغارة علي بابا .
حين لا تكون الصحافة مشغولة بأخبار غياب إبراهيم الجعفري ، وحين لا يصبح أحمد الجبوري " ابو مازن " خبراً رئيساً في صدر الصفحات الأولى، تكون النتيجة أنها ستعيد الاهتمام بزوايا عديدة ربما واحدة منها إجابة قاطعة على سؤال يشغل بال الناس وهو: هل يعقل أن نستدين من اليابان 300 مليون دولار لاقامة مشاريع مياه ، ونصرف على رواتب المسؤولين واقاربهم عشرات المليارات عداً ونقداً؟.