اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دون كيشوت عراقي

العمود الثامن: دون كيشوت عراقي

نشر في: 1 فبراير, 2024: 12:30 ص

 علي حسين

تعلمنا الصحافة كل يوم أن الحقائق ليست هي الضرورة الوحيدة دائماً، صحيح أن تشريد خمسة ملايين عراقي في الخيام حقيقة، ومقتل عشرات الآلاف منسوفين حقيقة دامغة، ودعاة الثأر الطائفي على الفضائيات حقائق ساطعة، لكن تقلبات بعض السياسيين من اليمين إلى اليسار، والتخندق مع المصالح ضد الوطن نوع متميز من أدب الخيال،

مثله مثل عودة بهاء الأعرجي بثوب جديد و"نيولوك" جديد، أنا يا سادة أفضل وصف ما يقوله ساسة العراق "بالخيال" مثل حكاية دون كيشوت ورفيقه سانشو، في كل مرة وأنا أستمع إلى تصريحات ساستنا "الأفاضل" أتجه بنظري إلى رفوف الكتب لأبحث عن الحكاية التي كتبها الأسباني سيرفانتيس، وأسأل نفسي كم من التأويلات يقبل دون كيشوت؟، وكم من التأويلات تقبل مدينته "لامانتاشا" ساحة معاركه الخيالية؟، إن جرثومة البطولة الزائفة حين تناولها سيرفانتس كفت عن كونها مجرد خيالات وأوهام، إنها تبلع العقل وقد تفتك به، مثلما فتكت بالفارس الهمام دون كيشوت، وحين يعم الوهم يزحف الخراب على المدن والبشر، في القراءات المبكرة تثير دون كيشوت الرواية أسى عميقاً على بطلها الذي توهم أنه يستطيع أن يقيم مملكة الخيال كي يرضي قانونه الخاص، فيصر أن يترك وراءه القليل من الفعل والكثير من الضجيج، كان هتلر يقول: "أصبت بالغثيان وأنا أقرأ دون كيشوت، كيف نستطيع أن نقود الأمة بسيف من خشب؟"، فقائد الأمة الألمانية يؤمن بأن المدفعية والطائرات وحدها القادرة على بناء البلدان .

حاول الأسباني سيرفانتس الذي مرت قبل أيام قليلة ذكرى ميلاده الـ"470" في روايته الشهيرة التي زادت مبيعاتها على المليار نسخة، أن يعبث في الطرح، فقد كانت الحقيقة مرة دائماً، لأن الشر لا يريد لخطواته أن تغادر الأرض، يحمل أسماء كثيرة، ويتخذ صفات عدة، لكن له غاية واحدة هي السخرية من طموح الناس البسطاء، وتطلعهم إلى الخير والمحبة، وتصوير الداعين إلى الألفة والتسامح على أنهم مجانين، يحاربون طواحين الهواء.

في نهاية ملحمة سيرفانتس، يلعن فارس دي لامانتاشا الشهير بين العرب بدون كيشوت، حكايات الفروسية التي صدَّقها، والعالم المثالي الذي حلم به، لكنه مع كل ماجرى يريد أن يعيش حياة جديدة لا أكاذيب فيها، مثل تلك التي يرويها أصحاب المناصب والباحثين عن لفلفة المال، والساعين إلى تحويل المحافظات إلى إقطاعيات خاصة، فالمواطن العراقي لا يستطيع الخروج من عالمه الذي أجبر على العيش فيه، حيث الفساد هو نفسه الذي يُفتّت البلاد، الفساد الذي يصر أصحابه أن يضعوا في مواقع السلطة آكلي ثروات البلاد وطمأنينة الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram