علي حسين
بعد 49 عاما على رحيلها لا تزال أم كلثوم علامة من علامات الزمن الجميل، كانت للست جماهيريتها ومواطنون يرددون معها كل مساء وهي تشد على منديلها: "خذ عمري، عمري كله إلا ثواني أشوفك فيها".
في عصر أم كلثوم كانت مصر ومعها بلدان العرب تبشر بثقافة جديدة تتمرد على ثقافة الغيب، إسماعيل مظهر يترجم داروين إلى العربية، وشبلي شميل يبشر بأفكار ماركس وإنجلز، وسلامة موسى يكتب عن سوبرمان نيتشه، فيما الرصافي يكتب عن الاشتراكية بأنها: "وعد بمجتمع، لا سيد فيه ولا مسود، يأخذ كل من فيه حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس"، في ذلك الوقت أصر الزهاوي على أن يقود معركة "السفور" إلى النهاية وهو يردد: مزّقي يا ابنــــة العـــراق الحجابــــا..
اليوم نتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يسخر من تاريخ بلاده، ويصر على أن العراقيين شعب خامل كان من الأفضل لهم أن يرضوا بالمقسوم، ولا يورطوا أنفسهم في الاحتجاج والثورة على الأوضاع ، ولا تزال الأحزاب الحاكمة تقول للشعب: الصبر جميل.
بالأمس خرج علينا بعض السياسيين ليحذر هذا الشعب من الفوضى التي ستعم البلاد إذا ما استمرت الناس تطالب بالعدالة والخدمات والأمان، السيد المالكي يتمنى على جميع العراقيين الغيارى أن يتحلوا بالصبر والهدوء .
ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تسمع مثل هذا الكلام؟، أنا شعرت بانقباض، فما يزال المسؤول في العراق يجلس على كرسيّه اللماع ويتعامل مع الجميع على أنه الحاكم الأوحد لهذه البلاد، الوزراء يطوفون حول كرسيه يطلبون الرضا والنصيحة، والمحافظون يستمعون إلى توجيهاته.. وهو يقول لنا صباح كل يوم ، ماذا يعني إن فشلنا خلال السبعة عشر سنة الماضية؟ إمنحونا سبع عشرة عاماً جديدة، وعليكم أن تتحملونا قليلاً، ولكن ياسيدي، لماذا دائماً على الناس أن تتحمل وتصبر؟، وهل هناك صبر أكثر في بلاد تعُد من أغنى البلدان ، لكنها اليوم تستجدي المساعدات مرة من الكويت ، وأخرى من تركيا، وفي انتظار أن تعطف علينا الصومال؟.
كانت أم كلثوم حريصة على فنها ، ويذكر الصحفي محمود عوض في كتابه "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد" أن كوكب الشرق رفعت دعوى قضائية ضد الملحن محمد الموجي لأنه تأخر في تلحين أغنية "للصبر حدود" وطالبته بدفع تعويض مالي، وحين وقف الموجي أمام القاضي، طلب مهلة، فردت عليه أم كلثوم بعبارة واحدة "للصبر حدود"، عندها أصدر القاضي قراراً بتغريم الموجي 500 جنيه.
فمن يغني للسيد المالكي أغنية للصبر حدود، ويطالبه بدفع غرامة عشرات المليارات من أموال نُهبت في مشاريع وهمية؟.
جميع التعليقات 1
جعفر الربيعي
استاذ علي لو لم يكن مطمئنا وهو يجلس على كرسيه ونال صك الامان من اميركا وايران لما طلب منا الصبر هنيئا له ولرؤساء وزراء العراق العظام ووكلائهم واعضاء كتلهم الذين حافظوا على ارض العراق ووحدته .