TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ياعشكنا

العمود الثامن: ياعشكنا

نشر في: 21 فبراير, 2024: 12:16 ص

 علي حسين

يكتب ابن خلدون في موسوعته الكبيرة " المقدمة " عن نفسية الجماهير " فاز المحبون للأوطان " وهم البسطاء، كما يصفهم أمير الحرية عبد الرحمن الكواكبي. تعلي الجماهير شأن من تحب، ولكنها أيضا تخسف الأرض بمن تكره.. قبل أيام كنت أشاهد فيديو قصير تظهر فيه المطربة الكبيرة شوقية العطار ، تجلس في الباص الذي يتنقل بها في شوارع مدينتها الحبيبة البصلرة تردد مقاطع من " ياعشكنا " ، اللحن العبقري الذي صنعه الفنان حميد البصري ، لتلمع معها العيون بدمع واحد، والوجوه بشجن عراقي.

مرت شوقية العطار ومعها زوجها الفنان والمثقف والمناضل الراحل حميد البصري بمحطات عديدة من الغربة ، كان فيها المطربة والملحن مصرين على أن الفن موقف من الحياة والمجتمع والإنسان، وبسبب مواقفهما عانا من التشرد بين مدن العالم من اليمن إلى بيروت ثم إلى سوريا لتنتهي المحطة في هولندا. في سيرة شوقية العطار نحن أمام انسانة كأنها قادمة من زمن مختلف، تحن لبلادها التي غادرتها مجبرة بعد تجربة مريرة مع المطاردة والغربة، لكنها ظلت تعيش نوبات من الحنين والأسى أحياناً، على زمن جعل من العراق مجرد ذكرى لحلم يريد له البعض أن يمرّ سريعاً.

كان حميد البصري مثله مثل شوقية وفؤاد سالم والشاعر كاظم الرويعي الرباعي الذي قدم لنا أغنية " ياعشكنا " مغرمين بما يقدمونه ، سواء في الموسيقى، أو الكتابة أو المواقف الحياتية، يعتقدون أن الفن والثقافة سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، وإنساناً يبذر الخير لمجتمعه .

رحل حميد البصري قبل عامين غريباً، وقبل أكثر من "20" عاماً رحل كاتب أغنية "ياعشكنا" كاظم الرويعي غريباً أيضاً في عمان، وقبل ما يقارب العشرة أعوام مات فؤاد سالم مهملاً في أحد مستشفيات دمشق.. فيما تواصل شوقية العطار سنوات غربتها في هولندا ، وكانوا جميعاً، يحلمون أن العمر سيضيع في بلادهم التي عشقوها حتى النفس الأخير وانهم سيعودون يوما مثل : " الطير اليرد لعشوشه عصاري".

أنظر إلى وجه شوقية العطار يشرق وهي تغني: " وكاعنا فضة وذهب واحنا شذرها .. وشحلاة العمر لو ضاع بعمرها" فأستذكر مع صوتها الشجي ،ابناء وطنني الذين يريدون استعادة وهج عراقهم الكبير الذي يريد له دعاة الطائفية أن يظل تحت ركام الفساد والانتهازية والمعارك السياسية السيئة السمعة والتبعية لدول الجوار ، نستمع إلى شجن شوقية العطار ونبحث عن الذين صنعوا لنا الفرح ، لأن الذين نعيش معهم اليوم لا يجلبون لنا سوى الأسى والخراب ، ونتمنى أن نُصبح دولة سوية تكرم الذين يستحقون التكريم وعلى رأسهم رباعي " ياعشكنا " ، ولا تنشغل بحكاية زعيم الإصلاح أحمد الجبوري وقائدة التطوير عالية نصيف .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram