علي حسين
كنتُ مراهناً، من أنّ أصحاب الفخامات في هذه البلاد لن يهتمّوا بجائزة صناع الأمل التي حصلت عليها السيدة البصراوية تاله الخليل وسيشغلون أنفسهم بخزعبلات من نوعيّة ، المؤامرة الإمبريالية ، والصراع حول مجالس المحافظات .
من عالمها المليء بالمحبة والإيثار في محافظة البصرة خرجت السيدة تاله الخليل لتقول للعالم: " علينا أن نصنع الأمل"، قبلها بأعوام كانت تتنقل بحثاً عن أطفال مصابين بالسرطان أو من أصحاب الهمم ، في محاولة لبث الأمل في نفوسهم وعودتهم إلى الحياة الطبيعية ، آلت على نفسها أن تغيير حياة أكثر من 500 طفل، وما زالت تتطلع للمزيد، قالت وهي تتسلم الجائزة من قبل حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد: "حلمي الوحيد أن أصل لكل أطفال العالم وليس أطفال العراق فقط".
الشيخ محمد بن راشد العاشق للأمل والعمل والمثابرة ، كان حلمه وهو يؤسس لجائزة " صناع الأمل " ، محاربة اليأس فصناعة الأمل بالنسبة له صناعة للحياة ، فهو يؤمن أن الشعوب يجب أن تستيقظ على الأمل والتفاؤل ، بدلاً من الحروب والنزاعات وبث الكراهية .
في العراق ، لك أن تتخيّل أن هناك مجاميع سياسية تريد أن تقود البلاد إلى اليأس ، وتستعجل خراباً يسير على قدمين، طائفية واجتماعية .
تنتمي تاله الخليل إلى صف طويل من الذين يمثلون العراق الحقيقي، والذين أدركوا معنى أنهم يعيشون في بلد متنوع فسعوا إلى بنائه بالجد والعمل والحلم ، ليقدموا للعالم وجه العراق الحقيقي، وجه صادق، أكثر اجتهاداً ومحبة لروح المواطنة، لا حديث عن الطائفة والمذهب، وإنما سجال عن محبة العراق، ولهذا تظل تاله الخليل نموذجاً فريداً في عراق اليوم .
يرفع الشيخ محمد بن راشد شعار: " الأمل يصنع الاستقرار والازدهار " ، وليته يكون شعارنا في بلاد الرافدين التي يريد لها البعض أن تنزلق في بحور اليأس والظلمة . ولو كانت أحزابنا الغارقة في معارك المصالح والمناصب ، تعرف شيئا عن الأمل قليلاً، لكان حالها وحالنا أفضل كثيراً.
اعرف أنني أصدع رؤوس القراء عندما أثير دائماً المقارنة مع بلدان تشجع على الأمل والعمل مثل الإمارات هذه البلاد التي شكلت وزارة للسعادة وأخرى للتسامح ، يطل فيها المسؤول على مواطنيه ليزرع الأمل في نفوسهم ، ويثبت أن المسؤولية خليط من العدالة والمحبة ورضا الناس.
اليوم مطلوب من العراقيين جميعاً ، أن يقرأوا لحظة القرار الذي اتخذته " أم المحاربين " تاله خليل في إنقاذ مئات الأطفال وبث الأمل في حياتهم ، ليدركوا أنّ المستقبل ، فقط لنموذج هذه السيدة .