علي حسين
طلب مني بعض القراء الأعزاء أن أكتب رأيي فيما يتعلق بالحملة التي يقودها البعض لإزالة تمثال أبو جعفر المنصور من إحدى ساحات بغداد ، وقبلها كانت هناك اصوات تطالب بتهجير ابو حنيفة من منطقة الاعظمية ،
وكنت قد كتبت تعليقاً قصيراً على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " قلت فيه: " يفتخر الأشقاء في مصر بمؤسس القاهرة فيقولون بكل اعتزاز " قاهرة المعز " ، ويتغنون بمن بناها " اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني " والتي جاءت لتعبر عن الروعة والجمال الذى أسس عليها القائد الفاطمي مدينة القاهرة . وفي بلاد الرافدين عليك أن تحذر خوفاً من أن تتهم بالانتماء للبعث أو تصنف إرهابياً عندما تقول إن أبو جعفر المنصور بنى بغداد ، وسيقولون لك : وماذا فعل المنصور ؟، مجرد سور، وينسون أو يتناسون أن بغداد كانت درة العالم في ذلك الزمان " ، فكتب البعض من القراء الأعزاء يشرحون لجنابي أن المنصور كان طاغية وقتل الكثير من العلماء .. بالتأكيد لست في وارد الدفاع عن أبو جعفر المنصور ، ولا يوجد في تاريخ العالم منذ قرون حاكما لا يحب كرسيه ومستعد لقتل اقرب المقربين منه لو فكر ولو للحظة واحدة ان يجلس على هذا الكرسي . ولكنني ياسادة ضد أن نحول التاريخ إلى سردية تثير الضغائن وتفرق العراقيين .
في كل يوم نجد من يخرج علينا ليحذرنا من النظر إلى تمثال أبو جعفر المنصور لأنه متهم بسرقة أموال الكهرباء، والاتفاق مع حسين الشهرستاني على لفلفة عقود النفط، وهناك من يعتقد أن قطع رقبة أبو جعفر المنصور سيضع العراق في مصاف الدول الأكثر تقدماً ، فيفوز في سباق التنمية على اليابان ويدحر سنغافورة والإمارات، ولم تجد الدولة من حل لمجابهة هذه الدعوات الطائفية سوى أن تضع في كل مرة حراساً على التمثال، وكان بإمكانها وإمكانياتها الكبيرة أن تعتقل أصحاب الدعوات، لكنها ياسادة الديمقراطية التي يفهمها البعض على أنها إشاعة الخطاب المتطرف وتخوين الآخر، ولم تنته حكاية أبو جعفر المنصور ، حتى وجدنا من يطالب باعتقال "أبو حنيفة النعمان" ويحذر من خطر اسمه "أبو حنيفة"، وكيف أن وجوده وسط بغداد يهدد الحياة السعيدة التي تعيشها مدن البصرة وميسان والحلة، وقرأنا سيلاً من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من كل الذين يتظاهرون لأنهم خطر على مستقبل البلاد، وسعى بعضهم إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية.