خاص/المدى
تشهد السجون العراقية أزمة خانقة حيث ارتفعت نسبة الاكتظاظ إلى 300%، مما فاقم معاناة السجناء داخل هذه المنشآت.
وتفيد التقارير بأن الأبنية القديمة والمتداعية لا تفي بمتطلبات العدد الكبير من النزلاء، مما يؤدي إلى ظروف معيشية صعبة وغير إنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تزداد المشكلة تعقيداً بفعل سيطرة بعض الجهات السياسية على إدارة السجون، مما يؤثر سلباً على تطبيق العدالة وتحسين أوضاع السجون.
وخلال السنوات الماضية، زُج بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب "التهم الكيدية" أو ما يعرف بـ"المخبر السري"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا، التي أثيرت ضدهم، تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون.
وقال الناشط في حقوق الإنسان، يوسف الكربولي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "كثير من السجون العراقية تعاني من اكتظاظ شديد، مما يؤدي إلى تدهور ظروف المعيشة، والنزلاء قد يواجهون نقصًا في المساحة الشخصية، وسوء التهوية، وتدني مستوى النظافة، وفي بعض الحالات، قد تكون المرافق الصحية غير كافية، مما يزيد من معاناتهم".
وأردف، أن "نقص الرعاية الصحية من القضايا الرئيسة، والنزلاء قد يفتقرون إلى العلاج المناسب للأمراض الجسدية والعقلية، وغالبًا ما تكون الخدمات الطبية في السجون محدودة أو غير متوفرة على نحو كاف".
وأشار الكربولي، إلى "بعض الحالات من سوء المعاملة والتعذيب في بعض السجون، وهذه الممارسات تنتهك حقوق الإنسان، وتؤدي إلى تدهور الحالة النفسية والجسدية للنزلاء".
وأكد "ضرورة ضمان حصول النزلاء على محاكمات عادلة، وتمثيل قانوني مناسب، وإجراءات قانونية واضحة لمراجعة قضاياهم".
وأوضح، أن "النزلاء يعانون من الضغوط النفسية الناتجة عن ظروف الاحتجاز القاسية، وهذا التأثير النفسي يمكن أن يكون له عواقب طويلة الأمد على صحتهم النفسية".
ولفت إلى "نقص في البرامج التعليمية والتأهيلية التي يمكن أن تساعد النزلاء على إعادة إدماجهم في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة، وتعزيز هذه البرامج يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تقليل معدل العودة إلى الجريمة".
وطالب الناشط الحقوقي بـ "تحسين هذه الظروف من خلال إجراء إصلاحات قانونية وإدارية، وتقديم الدعم للمنظمات الحقوقية التي تعمل على مراقبة وتحسين حالة حقوق الإنسان في السجون".
من جهته، قال المتحدث الرسمي لوزارة العدل، كامل أمين، إن "الوزارة تضم دائرتي إصلاح الأولى هي الإصلاح العراقية والثانية إصلاح الأحداث، وشعبة متخصصة بحقوق الإنسان تتلقى الشكاوى، بالإضافة إلى قسم شكاوى المواطنين بالوزارة، وكذلك الادعاء العام الذي تصل له الشكاوى مباشرة"، مبيناً أن "مفوضية حقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتسلّم الشكاوى فيما يخص السجون".
وأشار إلى أن "الوزارة عزلت في العام الماضي أكثر من 20 موظفاً خاصاً في السجون، نتيجة انتهاكاتهم وإدخالهم للممنوعات داخل السجون"، معتبراً أن "هذا الملف يعد تحدياً كبيراً كون السجون فيها اكتظاظ، وهناك تراكمات للأخطاء منذ عدة عقود، ولذلك من الصعب معالجتها جميعاً".
وأكد أن "نسبة الاكتظاظ تصل إلى 300 في المئة، وأن الطاقة الاستيعابية تتجاوز الـ 25 ألف سجين، وهناك أكثر من 60 ألف سجين داخل سجوننا، ومن الصعب السيطرة على هذه الأعداد".
إلى ذلك، دعا رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، إلى إنشاء مدينة إصلاحية لمعالجة ملف اكتظاظ السجناء والموقوفين، فيما بيّن أن عدد المسجونين يصل إلى 100 ألف سجين، وهو ما يشكل نسبة 300% من الطاقة الاستيعابية بعض السجون وأماكن الاحتجاز.
وقال الغراوي في بيان تلقته (المدى)، "أغلب السجون ومراكز الاحتجاز تعاني من مشكلة الاكتظاظ حيث بلغت النسبة في بعضها إلى 300 ٪"، مبينا أن "عدد السجناء والموقوفين في السجون ومراكز الاحتجاز كافة يصل إلى 100 ألف سجين وموقوف، وهذا رقم يفوق إلى حد بعيد الطاقة الاستيعابية للسجون ومراكز الاحتجاز".
وأردف أن "أغلب البنى التحتية لهذه السجون قديمة جدا ومصممة لاستقبال 30 ألف سجين وموقوف في، حين أن عدد السجناء والموقوفين الآن يفوق الطاقة الاستيعابية لهذه السجون ومراكز الاحتجاز".
وتابع الغراوي أن "الاكتظاظ أدى إلى انتشار أمراض صدرية والجرب واضطرار الإدارة السجنية إلى إيداع السجناء والموقوفين من أصحاب الجرائم البسيطة مع أصحاب الجرائم الخطرة واهم مثال لذلك إيداع المتعاطين مع تجار المخدرات"، داعيا إلى "إنشاء مدينة إصلاحية كحل أمثل لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون".
وأعلنت وزارة العدل، عن عدد النزلاء المطلق سراحهم من جميع الأقسام التابعة لها في بغداد والمحافظات خلال شهر تموز الماضي.
وذكر بيان للوزارة تلقته (المدى)، أن "عدد المطلق سراحهن من النساء (78) نزيلة، بينما بلغ عدد المطلق سراحهم من الرجال (689) نزيل وبذلك يكون العدد الكلي للمفرج عنهم (767) نزيل ونزيلة".
وتعاني السجون العراقية إهمالاً كبيراً وغياباً للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.
وملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة، وتعاني السجون من إدخال للممنوعات وانتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقترب من مئة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية، مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد، وتضم آلاف المعتقلين.
وفي تقرير للجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب العراقي، جرت الإشارة إلى أن كل سجين يكلف الدولة يومياً 10 آلاف دينار على الأقل، وبهذا ينفق العراق 220 مليار دينار سنوياً على نزلاء السجون.