 الأنبار / محمد علي

يواجه العراق مؤخراً تحديات كبيرة في التصحر، حيث تتأثر جميع المحافظات بهذه الظاهرة، رغم الجهود الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز التشجير وزيادة المساحات الخضراء للحد من تأثيرات التصحر.

في حديثه لـ(المدى)، أكد إبراهيم العوسج، قائممقام قضاء الرمادي، أن “محافظة الأنبار لا تمتلك خطة واضحة لمكافحة التصحر”، مشيراً إلى أن “هذه المسألة تتعلق بوزارتي الزراعة والبيئة باعتبارها قضية مركزية وليست محلية”. وأضاف أن “زراعة صحراء الأنبار واستثمارها تتطلب أموالاً طائلة، وهو ما يتجاوز الميزانية والقدرة المالية للمحافظة”.
وأوضح العوسج أن “صحراء الأنبار شهدت زراعة محدودة بمحصول الحنطة من قبل أبناء المحافظة، ولكن ليس على مساحات واسعة”. وذكر أن “زراعة جميع الأراضي الصحراوية في الأنبار أمر مستحيل حالياً، حيث يحتاج المشروع إلى حوالي 70 مليون دولار للبدء في استثمار الصحراء”.
من جانبه، شرح الأكاديمي محمد دلف أن “التنمية الزراعية في الصحراء الغربية تبدأ من خلال استثمار الأراضي الصحراوية والتوسع في الواحات”. وأضاف أن “مشروع استثمار صحراء الأنبار يعتمد على استثمار المياه الجوفية لتوفير التربة الصالحة للزراعة”، لافتاً إلى أن “المشروع قابل للتنفيذ ولكنه يتطلب إرادة قوية واستثمارات مالية كبيرة”.
وأفادت مديرية زراعة محافظة الأنبار في بيان تلقته (المدى) بأن “مشروع استثمار الصحراء لم يُقر بشكل رسمي حتى الآن، ولم تُوضع الخرائط على الأرض، لكن إذا تم تنفيذه، فإنه سيحول مساحات واسعة من صحراء الأنبار إلى أراضٍ خضراء”. وأضاف البيان أن “المشروع سيكون قابلاً للتحقيق والنجاح إذا ما أوكل إلى شركات استثمارية ذات خبرة قادرة على إدارة ملف المياه بفعالية، خاصة وأن تربة صحراء الأنبار تُعد من الترب الخصبة الصالحة للزراعة”.
وتابع البيان أن “وزارة الزراعة نجحت في إعادة تأهيل 65% من الأراضي الزراعية المستصلحة خلال عامين، بالتعاون مع مديرية زراعة الأنبار”. كما أشار البيان إلى أن “بغداد يمكنها تعزيز دعمها للزراعة في الأنبار من خلال دعم الاستثمارات الجديدة وتقديم التسهيلات للمستثمرين العرب والأجانب لتنشيط الزراعة في المحافظة”.
وفي حديثه لـ(المدى)، أكد بلال سلمان، المختص في الشأن البيئي، أن “استثمار صحراء الأنبار زراعياً يعد أمراً مهماً نظراً للإمكانيات الهائلة التي تمتلكها هذه المنطقة والتي يمكن أن تسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة في العراق”. وأضاف سلمان أن “صحراء الأنبار تحتوي على مساحات واسعة من الأراضي القابلة للزراعة إذا ما تم توفير الموارد اللازمة مثل المياه والبنية التحتية المناسبة”. وأكد أن “استخدام التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط والطاقة الشمسية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحويل هذه الأراضي إلى مناطق زراعية منتجة”.
وأشار سلمان إلى أن “استثمار صحراء الأنبار زراعياً يمكن أن يقلل من التصحر ويوفر فرص عمل ويدعم الاقتصاد المحلي من خلال إنتاج محاصيل زراعية متنوعة تلبي احتياجات السوق المحلي وتقلل من الاعتماد على الاستيراد”.
وفي 20 كانون الثاني/يناير من العام الحالي، أعلنت وزارة الزراعة أن صحراء الأنبار في طريقها نحو الاستثمار بعد سنوات من الظروف الأمنية التي منعت التوسع الاستثماري. وقد تلقت الأنبار طلبات استثمارية، مما يعزز من إمكانية استثمار الصحراء، شبيهة بمشاريع في محافظات النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والمثنى.
كانت صحراء الأنبار قد عانت من سيطرة تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى في السنوات الماضية، مما أثر سلباً على الاستثمار في المحافظة. ومع استقرار الأوضاع الأمنية حالياً ووجود طفرة في مشاريع الإعمار والبناء، فإن هناك تجددًا في المطالب لاستثمار صحراء الأنبار، مما قد يوفر فرص عمل ويزيد من مستوى الدخل المادي ويحقق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية.
ووفقاً للمركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، تبلغ مساحة الأراضي المتصحرة في العراق نحو 27 مليون دونم، أي حوالي 15% من مساحة البلاد، بينما تعتبر 55% من مساحة العراق مهددة بالتصحر. وتعد محافظة ذي قار الأكثر تضرراً بنسبة تصل إلى 53%، في حين تتراوح النسب في باقي المحافظات بين 1% و14%.
تقع محافظة الأنبار غربي العراق، وتقدر مساحتها بثلثي مساحة العراق، وتحدها ثلاث دول: المملكة العربية السعودية وسوريا والأردن، بطول 138 كيلومتراً، وتضم أكبر صحراء في المنطقة.