علي حسين
ما يجري على الساحة السياسية الآن يثيرُ شكوك وسخرية الناس بكائن هجين احتارت الناس ماذا تسميه، مؤتمر وطني، اجتماع وطني أم ورقة الإصلاح؟ المواطن يدرك انه كلما طرحت بادرة للتقارب بين جيوش المتخاصمين، تشتعل الحرائق هنا وهناك، ليتم بعدها تنفيذ أوراق اللعب بالطريقة التي يريدها الفريق الأقوى، واعني به ائتلاف دولة القانون، لأنه يمتلك السلطة التنفيذية ويسيطر على السلطة التشريعية، وتحت يديه خزائن العراق، عندما يحذر طرف سياسي ويهيب بالمواطنين الابتعاد عن الطرف الآخر، فهذا يعني أن الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، فوضى تجعل من اجتماعات القادة مجرد دراما اجتماعية تنتهي بوعود وأمنيات واحتمالات، أكثر مما تقر بالتزامات واستحقاقات وإجراءات عملية ملموسة، وللأسف أن الناس التي تتابع هذه اللقاءات سيرمى لها بالفتات من التصريحات، باختصار شديد فان اجتماعات السياسيين تجري وفقا لمبدأ "انطيني وانطيك" وهو مبدأ يصلح للتفاوض بين الأعداء، لكنه لا يصلح لإدارة البلاد، خصوصا إذا كان كل المتفاوضين يحملون ماركة "الشراكة الوطنية.
هل تجعلنا بيانات السياسيين وخطبهم نشعر بالخوف؟ بالتأكيد. لأن، صورة البلاد ذات المؤسسات الفاعلة لم يعد لها وجود أصلا، بعد ان قرر الجميع ان يجعل من البرلمان مجرد صورة لديمقراطية زائفة، اليوم الكل يتحدث عن القضاء ودولة القانون ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلان دولة "سياسيي الصفقات"، بل يذهب البعض منهم إلى إقرار تعليمات وقوانين تساند وتدعو إلى منطق الدولة التي مرجعيتها كل شيء إلا الإيمان بالديمقراطية الحقة. اضحك كلما يحاول ساستنا الأشاوس أن يصوروا لنا أنهم وحدهم القادرون على إنقاذ العراق من الكوارث، وأنهم ماسكو العراق ولولاهم لانفرط عقده. ما أتعس أن تُذرف الدموع كذباً دفاعا عن الأمان والاستقرار، متناسين ان عشرة اعوام من الفوضى في البلاد أحرقت الأخضر واليابس. كل كتب التاريخ تعلمنا أن مقاولي السياسة لا يبنون بلدانا، مهما كانت الشعارات التي يرفعونها والأكاذيب التي يأتون بها. الاستقرار والرفاهية لا تأتي أبداً بالشعارات فهذه أدوات استخدمت لصناعة الاكاذيب وتفريخ الانتهازيين والوصوليين. لماذا يتوهم ساستنا انهم حراس هذا الوطن والساهرون على أمنه واستقراره وأنهم اعمدة الخيمة العراقية ومن ثم تصبح مناقشتهم والاعتراض على الاعيبهم ونزقهم نوعا من التجديف، ومعارضتهم نوعا من الخيانة الوطنية، والمطالبة بالإصلاح السياسي وتقديم الخدمات ومحاسبة الفاسدين أقرب الى الزندقة والكفر وتخريب الأوطان. أيها الساسة: إن لم تكونوا متواطئين على تخريب حياتنا، فالمؤكد أنكم فاشلون وعاجزون عن إدارة "دكان صغير"، فكيف بوطن بحجم العراق. ايها الساسة لا نريد منكم شيئاً سوى ان تستمعوا جميعكم الى نجاة الصغيرة وهي تغني: نسألكم الرحيل.