حاوره/ القسم الثقافي
ولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل يغادر العراق مرغما بسبب المضايقات التي نالت عائلته. ليستقر بين أنستردام ولندن, حصل في لندن شهادة من جامعة كمبردج لدراسة اللغة (فيرست سارتيفكيت). عمل في مجال الترجمة، وترجم الكثير من الكتب في دار المدى منها (يوميات القراءة) و(المكتبة في الليل) (ويوميات سوزان سونتاغ)، (سعيا وراء الصوت: موسيقاي حياتي)، وكتب مترجمة أخرى جاوزت الستة عشر كتابا..
حدثنا عن المصادر والمراجع في طفولتك والتي أسهمت في ميولك للابداع وللترجمة بشكل خاص؟
مثل الكثير الذين أمتهنوا الكتابة والأبداع فتحت عيني في الطفولة على مكتبة البيت، التي جمعها أخي الكبير الذي كان يعتنق الفكر اليساري، والطريف أن جميع من في البيت كان يقرأ من هذه المكتبة، إضافة الى الذهاب الى السينما.. وكان نصيبي في القراءة هو الأكثر، بسبب طبيعتي الأجتماعية في أن أكون قليل الأختلاط بالناس، ولا أبالغ أن أقول أني قرأت عيون ألادب الروسي من ديستوفسكي وتشيخوف وتولستوي وغوغول، وانا لم أتجاوز العشرين من العمر، وما زلت احتفظ بدفاتر ألخص فيها ما أقرأ..
الترجمة لم تكن أختياري للأبداع، والذي لا يعرفه الكثير هو بدايتي الأولى كانت في السينما، فقد نشرت في مراهقتي عددا من الموضوعات في النقد السينمائي، وكان أول موضوع لي عن السينما هو عن شيخ النقاد السينمائيين العراب سمير فريد، ونشر الموضوع في جريدة الجمهورية، وكنت حينها في الثامنة عشر من عمري، وهو ما جعل المترجم والناقد سامي محمد يدعوني الى الكتابة في مجلة (الف باء) التي كتبت فيها عددا من مواضيعي. اكلت دراستي في مدينة الموصل بجامعتها حيث نلت لالبكالوريوس في الاقتصاد نهاية الثمانينيات.. وبسبب المضايقات السياسية التي كنا تتعرض لها عائلتنا، بسبب مغادرة اخي الكبير، وأيضا بسبب الماضي السياسي لأخي الذي يكبرني، غادرت الى عمان ثم الى سوريا واستقريت مؤقتا في براغ لأحصل على اللجوء السياسي في أمستردام التي مازلت أعيش فيها.
بين كتابك الأول، والأخير زمن طويل، حدثنا عن هذه المسيرة؟
- رحلة جميلة كانت مع الكلمة خلال اكثر من 15 عاما،، وأشير هنا الى انني بدأت ترجمة مقالات في الادب والفن قبل أن اخوض غمار ترجمة الكتب.. بدأت اترجم الكتب التي أحبها وهذه مسألة مهمة في الترجمة، فعندما تهوى كتابا وتشعر انه قريب منك ومن انشغالاتك تخلص بشكل كبير في الاعتناء بترجمته، وتحاول ان ان تكون هذه الترجمة أمينه وجيدة.. عكس ما يفرض عليك ترجمته من كتب حتى لو كانت مهمة.. الرحلة كما أخبرتك بدأت مع كتاب يوميات قارئ وهي بداية حذرة للترجمة اعني كونه اول كتاب قمت بترجمته، واشير بتواضع انني مع المترجم سامي شمعون كنا اول من عرف القارئ العربي بالشخصية الادبية (البرتو مانغويل)، إذ سبقني شمعون بترجمة كتاب تاريخ القراءة.. ولك ان تتخيل حجم المسؤولية التي وقعت على عاتقي وهي اهمية المؤلف واهمية الموضوع، لكن كان وجود خبير في فحص الترجمة مثل الكاتب سهيل سامي نادر ذلل الكثير من مصاعب البداية.. فقد امتدح الترجمة واختيار الموضوع… وهذا الرجل ذو ثقافة موسوعية.
وماذا عن الترجمة كيف أهتديت لها كمهنة لك، هل ساعدك وجودك لأكثر من ثلاثة عقود في الغربة على إتقان أكثر من لغة؟ - بالبداية أحب ان أشير الى أن انتقالي في أكثر من بلد، في براغ، أمستردام، لندن.. لم يكن السبب في أتقاني للغات التي اترجم عنها، فقد كنت اتحدث الانكليزية والفرنسية في العراق قبل سفري، لكني وبسبب انتظاري الطويل في دمشق للسفر قررت الدخول لمعهد فرنسي لتقوية اللغة الفرنسية، أقام في لندن ٤ سنوات دخلت خلالها في كورسات إنكليزي متواصلة مدة كل كورس 3 اشهر. فيما بعد (حوالي عام 2007 سجلت في جامعة كمبردج لدراسة اللغة (فيرست سارتيفكيت) لمدة عام ثم لعام آخر.
الوسيلة التي هدتني للترجمة هي القراءة، وكما ذكرت فأنني أزعم أني كنت قارئا نهما لأي كتاب احصل عليه، وقرأت من الادب الكثير، لذا عندما بدأت في الترجمة كنت حذرا جدا بها، ذلك اني أحاول ما استطعت ان يكون النص الذي أهم بترجمته قريبا من النص المترجم، لذا ترى أن كل الكتب التي ترجمتها هي لموضوعات أحببتها اثناء قرائتها بلغتها الأصلية، وهذا الحب والأعجاب بالكتاب هو السبب الأساس في ترجمة الكتاب.
أما عن أختياري للترجمة، ففي جلسة لي مع أخي الناقد السينمائي علاء المفرجي، وهو المعروف بشغفه للقراءة ايضا، عام 2009، كنت احدثه وبأعجاب عن كتاب قرأته حديثا لكاتب غير معروف بالعربية حينها، وهو البرتو مانغويل، ولم يكن حينها مترجما له سوى كتاب (تاريخ القراءة) الصادر عن دار الساقي، والذي قام بترجمته المترجم سامي شمعون، عند ذاك أقترح علي علاء أن أقوم بترجمته للعربية، فكان ذلك حيث قمت بترجمته، فأقترح علاء أن أدفعه للنشر في دار المدى، حيث صادف أن يكون الكاتب الكبير سهيل سامي نادر في دمشق هو خبير (دار المدى) في الكتب المنشورة عنها… وهذا الرجل ذو ثقافة موسوعية.
.. أعجب سهيل نادر في هذا الكتاب وشجعني على المضي في الترجمة، وذلك أسعدني جدا خاصة، وانني اعتبر سهيل من الكتاب الكبار. وللتاريخ أشير ليس من من باب الادعاء، انني (ومعاذ الله من كلمة انا) أسهمت في تعريف القارئ العربي بمانغويل، لأن الكتاب الذي نشرته المدى حقق مبيعات كبيرة، الى درجة انها أسهمت في مبيعات دار الساقي لكتاب (تاريخ القراءة)
وهو ما رغبت في سؤالك عنه، لماذا اخترت دار المدى بالذات لنشر كتبك التي جاوزت الخمسة عشر كتابا.؟ - لم أكن بعد مترجما محترفا، قبل ن أنشر كتابي في (المدى)، فقد احتضنت المدى قبل ذلك مقالاتي التي كنت اترجمها في مطبوعاتها، الجريدة، وجريدة تاتو الثقافية، وبسبب شهرة هذه الدار في العالم العربي، ودقة أختياراتها للعناوين، وحضورها المهم في مشهد النشر العربي، كل ذلك هو ما شجعني على أن انشر جميع ترجماتي من الكتب فيها، بالاضاف الى وجود الكثير من مثقفي العراق في هذه الدار.. وأود ان أشير بفخر أن الدار عرضت عليّ ان أكون اُكلف بالكتب التي تختارها للترجمة.. لمن القائمين عليها احترموا رغبتي بترجمة الكتب التي أختارها انا للطبع في المدى.
يلاحظ انك تأخذ وقتا كبيرا في الترجمة ما السبب.؟ - احترامي أولا لما أختار ومن ثم، قراءة كل شيء يخص الكاتب المراد ترجمة عمل له، سيرته الحياتية والأدبية، والاطلاع على أعماله الأخرى، ثم تبدأ الترجمة، وترجمة النص هنا تخضع للكثير من التمحيص وأختيار المفردة المناسبة والتي تتساوق من جملة النص.. لذا تلاحض أن في اغلب الكتب التي ترجمتها، هنام هوامش وحواشي كثيرة، تساعد على فهم النص الأصلي.
فمثلا ترجمت كتاب مذكرات رينوار عن الفرنسية، وكنت قلقا في دفعه للنشر، فقمت بالاطلاع على ترجمته الإنكليزية فوجدت العديد من الأخطاء في بعض الترجمات الإنكليزية. قمت بتصحيحا ليكون بترجمة جيدة بشهادة القراء.. التر
اعرف أن لك ولعا خاصا بالموسيقى الكلاسيكية والموسيقى بشكل عام، لكنك لم تترجم سوى كتاب واحد عن الموسيقى هو كتاب (سعياً وراء الصوت)؟ - اختياري لكتاب موريكوني، هو إعجابي الشديد بموسيقاه، منذ وقت مبكر من حياتي، فكنت أقتني موسيقاه من مكتبة (جنة العصافير) الموسيقية في بغداد أثناء مراهقتي.. وما ان عثرت على سيرته (سعيا وراء الصوت: موسيقاي حياتي) الذتي كتبها بمعية أليساندرو دي روسا، حتى بدات بترجمته، فهذا الكتاب يُضيء أكثر من ستّة عقود من مسيرة مورّيكوني (1928 - 2020)، الذي يُعَدّ من أبرز مؤلّفي موسيقي الأفلام في تاريخ الفن السابع بل أبرزهم على الإطلاق، ويكشفُ فيه لمُحاورِه تفاصيل غير معروفة من سيرته، وحول بداياته الموسيقية، وطفولته، وتجريبه الفنّي، إضافة إلى علاقته بعدد من المخرجين.
ما جديدك في الترجمة؟
هذا الموسيقي ألّف الموسيقى لأكثر من أربعمئة وخمسين فيلما وأكثر من مئة عمل من أعمال الموسيقى الكلاسيكية، ومن بين أشهر أعماله تلك الألحان والمقاطع الموسيقية التي تميزت بها أفلام المخرج الإيطالي سرجيو ليوني، فيما عرف بأفلام، سباغيتي ويسترن مثل أفلام حفنة دولارات، الطيب والشرير والقبيح، كان يا ما كان في الغرب وكان يا ما كان فى أميركا. وقام أيضاً بتأليف الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام المشهورة مثل المهمة، سينما براديزو، لوليتا، ومالينا. وكان الموسيقار الإيطالي، انيو موريكوني، تلقّى جائزة الأكاديمية الفخرية، الأوسكار، عام 2007 وفاز بأوسكار أفضل موسيقى تصويرية أصلية في عام 2016 عن فيلم "الثمانية البغيضون" إخراج كوينتن تارانتينو، بعد عدّة ترشيحات. والكتاب الآخر عن الكتّاب الكحوليون، الرحلة الى ايكو سبرينغ، الذي تأخذنا فيه مؤلفته، اوليفيا لاينغ، في رحلة عبْر أمريكا، تستكشف الروابط بين الابداع والاسراف في الشرب في أعمال وحيوات ستة كُتّاب استثنائيين: فتزجيرالد، همنغواي، ويليامز، بيريمان، شيفر، وكارفر… وربما ساعثر على كتاب موسيقي آخر لترجمته.
يشترك بائع كتبك في (يوميات بائع كتب) مع مشاهير خاضوا التجربة كجورج اورويل مثلا… ما الجديد أو المثير في تجربة شون بيثل؟ - يمكن اعتبار الكتاب رواية مسليّة للغاية عن إدارة مكتبة في "ويجتاون" على الساحل الجنوبي الغربي لإسكتلندا.، فهو مكتوب في شكل يوميات، وسرعان ما نتعرف على طاقمه الصغير من الشخصيات الرئيسة، ليس أقلها المؤلف نفسه، ومساعدته، نيكي. هناك الكثير من الفكاهة اللطيفة في هذا الكتاب. الجميع هنا يتحدث عن الكتب والكتب القديمة والمخطوطات بشكل خاص، الكتاب ليس دراسة أو عرضاً لعيون الكتب في التراث الثقافي العالمي؛ بل سيرة المؤلف وصاحب المكتبة، شون بيثل، الذي يمتلك أكبر مكتبة لبيع الكتب المستعملة في إسكتلندا. التي تحتوي على 100000 كتاب، موزعة على أكثر من ميل من الأرفف، مع ممرات ملتوية ونيران مستعرة، وكلها تقع في مدينة ريفية جميلة على حافة البحر. جنة محبي الكتاب. في هذه اليوميات المضحكة، يقدم شون نظرة من الداخل على تجارب ومحن الحياة في تجارة الكتب، من النضال مع العملاء غريبي الأطوار إلى المشاحنات مع موظفيه، يأخذنا معه في رحلات شراء إلى العقارات القديمة ودور المزادات، ويوصي بالكتب (كلاسيكيات مفقودة واكتشافات جديدة)، ويقدم لنا إثارة الاكتشاف غير المتوقع، ويثير إيقاعات وسحر حياة البلدة الصغيرة، دائماً بعين ناقدة.
في يوميات بائع كتب… هل اكتشفت أن الكتب هي التي تتحدث أم بائعها أم شخص ثالث؟ - البائع يتحدث عن اهمية الكتب والاثر الذي تركته، ويتحدث هنا ايضا عن الذين يقتنونها، هؤلاء لهم مواصفات خاصة، وهم على استعداد ان يبذلو الغالي والرخيص من أجل اقتنائها..بعيدا عن من الذي يتحدث.. فالكتاب هو بطل (يوميات بائع كتب) لان الحديث يدور عن الكتاب طباعته وزمن طباعته، وعدد المرات التي طبع فيها، وما الذي قيل عن طبعته الاولى وهكذا. فتكثر الحقائق الغريبة في هذا الكتاب: من كان يخمن أن العملاء الذين يسألون عن الأناجيل لا يشترونها في الواقع؟ أو أن الطبعات الأولى ليست بهذه القيمة عادةً؟ أو أن مناقشة اتفاقية الكتاب الصافي يمكن أن تكون غير مملة؟ هو مؤمن حقيقي، يقدم حجة عاطفية لأهمية الكتب - الكتب الحقيقية، الورقية، المصفرة بمرور الوقت والملطخة بشروحات على مرّ الأجيال.فمن المدهش قراءة بعض أوصاف شون بيثيل للعملاء في مكتبته، والتي لا يجرؤ أي شخص على تجاوزها على الإطلاق. نقدم هنا، على سبيل المثال، إلى أحد العملاء المنتظمين في المتجر، السيد ديكون: "يتم تمشيط شعره الداكن الرقيق على وجهه بطريقة غير مقنعة حيث يحاول بعض الرجال الصلع إقناع الآخرين بأنهم ما زالوا يحتفظون بشعرهم"… " يبدو كما لو أن شخصاً ما حمل ملابسه في مدفع وأطلقها عليه ".عندما أنشأ المالك الفخور لأكبر مكتبة لبيع الكتب المستعملة في اسكتلندا، صفحة على الفيس بوك في عام 2010 ? أخذ "مخاطرة محسوبة وقرر التركيز على سلوك العملاء". هذه المذكرات الخاصة بسنة واحدة من عمر المتجر تفعل الشيء نفسه، وأكثر من ذلك بكثير. للوهلة الأولى، هو حساب مسلي من الحياة. عندما لا يبحث عن الكتب في العقارات المتداعية، يقضي المؤلف وقته في صيد سمك السلمون والسباحة في البحر والمشي على التلال. تم إحياء ثروات المدينة التي كانت تتدهور ذات يوم من خلال وصول مجموعة من المكتبات، وينظم بائعو الكتب المحليون أيضاً مهرجانا للكتاب يجذب آلاف الزوار إلى المنطقة كل عام.
كيف توصف الترجمة؟ هل هي مهنة أم وظيفة ابداعية أم ممارسة مهنية؟ - الترجمة كما أرى عمل ابداعي، بوصفه يعيد انتاج النص وفقا للغة المنقول اليها وهذا يتطلب طبعا من المترجم التمكن من الغة المنقول منها واللغة المنقول اليها، وهذا ما سيضيف للمترجم ثقلا اخر، واحدة من كبريات الفوائد من كونك مترجم تتمثل في أن وظيفة تناسب العقول الدائمة البحث عن كل جديد، طبيعة الوظيفة تعني انك تغطي مجال واسع من المواضيع وتواجه كثير من التحديات مع كل مشروع ترجمة. يجب ايضا أن يتوفر لديك حصيلة من الكلمات ومهارات لغوية عامة يتم تحديثها باستمرار.. فالمهارات التي يجب على المترجم توافرها به عديدة وذات مستوى عالي.
في الترجمات الحديثة غالبا مايقوم المترجم بوضع شروحات لبعض المفردات والمفاهيم الواردة في النص ضمن هامش… ألا ترى أن مهمة المترجم تحوّلت من ناقل الى مفسّر للنص؟ - المتابع لكل ماترجمته من كتب هو كثرة الشروحات والهوامش التي اعتمدها في النص الموجود على المتن.. فاضافة الى الشروحات الموجودة في اللغة الاصلية، يجب ان تكون هناك شروحا من المترجم بعيدا عن المتن، تتولى شرح ما يمكن شرحه ووفق ما ينسجم مع النص العربي، مراعيا بذلك الثقافة الخاصة بالقارئ العربي… حتى يتم أحيانا الإبقاء على بعض الكلمات بلغتها الاصلية، لا لصعوبة ترجمتها ولكنها في وضعها هذا لديها جرس خاص بها.. وعلى القارئ الحصيف ان يفسر هذا في سياق النص المترجم. وهذا ما يجعل المترجم ناقلا للنص الابداعي بجماليته التي نعرف.
بعض المترجمين يتحفظون على الترجمة عن طريق لغة ثالثة، ما رأيك؟ - لا أرى في ذلك ضيرا كبيرا فالترجمة للنص تبدأ من روح هذا النص وأكتمال معانيه، وبالتالي نقله الى العربية، وليس بالضرورة المحافظة على مفردات بعينها طالما يكتمل المعنى بدونها.
فهناك الكثير من التراجم التي كانت عن طريق لغة ثالثة لاقت نجاحا كبيرا، لا بل يفضلها القارئ على ترجمات أخرى، فالمترجم سامي الدروبي ترجم روايات ديستوفسكي عن الفرنسية وليست الروسية، ومازالت الترجمة المفضلة لغالبية القراء العرب، والبعض يفضلها عن الترجمة من اللغة الأصلية، واحمد رامي ترجم رباعيات الخيام عن الإنكليزية وليست الفارسية، وكانت الترجمة التي يفضلها القارئ العربي، وهي الترجمة التي لم تفقد النص أمانته وروحه، وسكوت فيتزجيرالد ترجمها - أعني الرباعيات الى الإنكليزية، وهو لم يتقن الفارسية، وانما كان يٌلقنها تلقينا. ورغم انني لم اترجم حتى هذه اللحظة عن لغة ثالثة سوى رواية إيطالية رغم أنني لم أدفعها للطبع بعد.