علي حسين
هل تريدون الفوضى، أم مجلس نواب ظريف وخفيف الظل يجنبكم الوقوع في أهوال المصائب؟.. هذا السؤال أصبح يطرح هذه الأيام وبقوة.. كيف تريدون غلق باب مجلس النواب، والسادة النواب "المساكين" جاهدوا واجتهدوا ولم يقبضوا شهرياً سوى "30 " مليون دينار تضاف لها عمولات المقاولات والمشاريع والتعينات .
يردد المقربون والمنتفعون من مجلس النواب شريطاً غنائياً واحداً: إنكم تريدون إسقاط التجربة الديمقراطية الوليدة، والالتفاف على إرادة الجماهير، وإجهاض العملية السياسية.. وبلغت الشعارات حد أن البعض قال: إذا كنتم مصرون على احداث تغيير.. فليس هناك من حل سوى رفع علم ايران في عموم العراق ، وان يسيطر الحرس الثوري على المحافظات العراقية .. هذه كانت آخر بدع جهابذة المحطات الفضائية .
فيما العراقيون يعيشون وسط خطابات زائفة ومقيتة عن الديمقراطية وإرادة الناس وإعادة انتاج نظام لا يعرف إلا لغة السمع والطاعة.. وجدنا مجلس النواب " الموقر " يصرف اكثر من 400 مليار دينار رواتب ومخصصات للسادة النواب الذين لم يدخلوا المجلس على مدى الاربع سنوات ( 1460 يوم) سوى مئة مرة فقط ، وقد اخبرنا احد النواب مشكورا انهم ليسوا طلاب مدرسة حتى يحضرون جلسات البرلمان كل يوم .
نواب وسياسيون يحذروننا هذه الأيام من أن العراق سيمر بظرف عصيب، لو أن الشعب لم يأخذ "الحيطة والحذر" من الأعداء الذين يتربصون به.. يتحدثون كل يوم عن الكارثة التي تنتظرنا لو أننا تجرأنا على مجرد التفكير في المطالبة بالإصلاح السياسي، ففي خطابات متشنجة تعيش على بث الرعب والفزع في نفوس العراقيين، خطابات يذرف أصحابها الدموع، كذباً، دفاعاً عن الأمان والاستقرار، متناسين أن "الحيطة والحذر" التي صدعوا رؤوسنا بها لم تجلب للناس سوى الفشل وسرقة المال العام .
دعك من كل ذلك، وفكر قليلاً في الفرق بين الأداء "العظيم" لمجلس النواب العراقي، وأداء مجالس النواب "العقيمة" في بلدان العالم، ففي برلماننا هناك مناقشة علمية رصينة ومحترمة لجميع جوانب الحياة العراقية، ويستمتع المواطن كل يوم برؤية نائب أو نائبة يتجول أو تتجول في الشوارع لسؤال الناس عن أحوالها، ويمكن اعتبار إطلالة البعض منهم في الفضائيات، نموذجاً للديمقراطية الحديثة، فيما لا تزال مجالس النواب في دول العالم منقسمة في تعريف معنى العدالة الاجتماعية التي يتمتع بها جميع سكان بلاد الرافدين ، بل أن العديد من البرلمانات لم تدخلها مفردة (عطلة) التي أصبحنا نباهي بها الأمم. بينما مجلسنا الموقر تحولت قاعته إلى ساحات للهتاف، ضد المرأة التي يريد لها البرلمان أن تبقى مواطناً من الدرجة العاشرة ، في الوقت الذي يخوض فيه النواب معركة داحس والغبراء من أجل أن يعيش النائب مرفهاً وسعيداً .









