علي حسين
بعض القوى السياسية منفعلة.. في كل يوم نرى الكثير من السياسيين يرفعون اصابعهم بوجه كل من يتحدث عن التغيير والاصلاح.. ذبابهم الالكتروني على أهبة الاستعداد لملاحقة ومحاصرة كل من تسوّل له نفسه الحديث عن اخطاء العملية السياسيةوخيباتها.. يريدون من العراقيين جميعا ألا يغادروا عصر السمع والطاعة.. يقولون لك إن مناصبا وكراسينا لا تمس ولا يجوز الاقتراب منها.
تسأل فرقة "ما ننطيها".. لماذا تريدون الاستئثار بالسلطة الى ابد الآبدين؟ يقولون وكلهم إيمان وحماسة وانفعال أيضا: ألم تروا المنجزات التي تحققت خلال السنوات العشرين الماضية
عندما تدمر مؤسسات الدولة، بدلا من تطويرها على اسس ديمقراطية.. فان هذا الامر يرخّص الدماء والارواح التي قدمها العراقيون على مدى عقود طويلة من اجل ان يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقة.
وعندما يصر البعض على الاستحواذ على المناصب العليا.. ويستخدم مقربوه حيلا وألاعيب لتخوين الآخرين وإقصائهم.. وعندما يحاصر الكفاءات ويجبرون على الهجرة.. عندما يسرق بلد في وضح النهار، عندما يبرر التغييب ومطاردة اصحاب الرأي.. عندما تسلم مؤسسات الدولة الى أصحاب "الثقة" لا أصحاب الخبرة، وعندما لا يرى رئيس الوزراء في القضاء سوى القوانين التي تحصن سلطاته وتصونه.. فإننا بالتأكيد سائرون في طريق الخراب.
في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى ان يتعلم منها ساستنا نجد صورا أخرى لزعامات قدمت لشعوبها الافعال بدلا من الخطب والشعارات.. زعماء قدموا لشعوبهم ما لم يعرفوه من قبل.. في سنغافورة والبرازيل وتركيا استطاع حكام بفضل نزاهتهم وإصرارهم على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن يحدثوا اكبر التحولات السياسية والاقتصادية في العالم. اما نحن مساكين هذه البلاد الذين عشنا سنوات من الأسى والصراع على المنافع والمغانم، فقد توهمنا أن حكامنا سيجعلون الحرية حق والأمان حقا، وحب الحياة حقا فإذا نحن أمام مسؤولين يصرون على ان يحولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين.
للاسف استبدل ساستنا نموذج الكفاءة بنموذج "الثقة" وهو النموذج السائد الآن في مؤسسات الدولة، بمعنى أنه تعبير حقيقي عن الحالة السياسية، ومن ثم سنجد آلاف من أهل "الثقة" في مجالات عديدة وليس فقط في السياسة، ولن نحتاج مجهودا كبيرا حتى نجدهم في كل مكان، فقد طفحت شاشات الفضائيات طوال السنوات الماضية بعدد لا بأس به من نموذج "أهل الثقة" الذين يظهرون كلما احتدم الصراع على المناصب والمكاسب، لتجدنهم يقفون بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه الاقتراب من قلعة الحكومة الحصينة.
ودعونا نسأل سؤالاً بريء؛ ما الذي يريده البعض بشعارات "ما ننطيها" "ونحن امة" و "لتضيعوها"؟.. هل من اجل مزيد من إهدار سنيّ حياتنا؟.. أم يريد منا ان نظل نتحمل الأخطاء والخطايا الى نهاية العمر.









