TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انقلاب البطانة

انقلاب البطانة

نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م

الانقلابات رفاقي الأعزاء بأشكال وأنواع متعددة أخطرها الانقلاب الداخلي الذي تنفذه البطانة  ، بهذا الاستهلال  بدأ "الحزبي المتقاعد" حديثه  مع مجموعة من أصدقائه ومعارفه ،   فتطرق إلى الانقلاب العسكري والآخر الأبيض ، أما الداخلي فله شواهد كثيرة في التاريخ ، تناولها أدباء وكتاب عالميون عبر أعمال روائية ومسرحية ، ،  وفي التاريخ العربي القديم والمعاصر وقائع وأحداث تبين اتفاق مجموعة سواء من بطانة الملك أو السلطان على ساعة الصفر للإطاحة بصاحب العرش ،  وحبسه بزنزانة منفردة إن أسعفه الحظ ،  وشفقة الانقلابيين في الإبقاء على حياته ليكون عبرة لمن اعتبر.
 التاريخ العربي  أدى واجبه في سرد أحداث "الغدر والخيانة" والإطاحة بأصحاب العروش سواء  من قبل البطانة بمساعدة الزوجات والأبناء والأحفاد ، أو من قياديين بارزين في الحزب الحاكم ، والتاريخ الذي يوصف بأنه لسان السلطة  في الزمن البعيد وحتى القريب ، يحتوي على  الكثير من الاحداث  التي تؤكد حقيقة ما حذر منه  الحزبي المتقاعد أثناء حديثه عن  انقلاب البطانة.
المنطقة العربية تكاد تكون أرضا خصبة لأنواع الانقلابات الأبيض والأسود المصخم والداخلي ،  ومعظم أصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا إلى السلطة عن طريق البيان رقم واحد أو بالوراثة ،  وهؤلاء أكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكيل أجهزة أمنية  مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات والامتيازات  لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات يبقى خطر الانقلاب الداخلي أمرا محتملا ، وخيارا لمن يجد في نفسه القدرة على أن يكون البديل ليعيد  استكمال دورة التاريخ  في سرد أحداث  الإطاحة بحاكم  ووصول آخر سرعان ما يتعرض للمصير نفسه .
 في العام 1979  تم إعدام أكثر من عشرين قياديا في حزب البعث ، في خطوة وصفت وقتذاك  بأنها نموذج في تنفيذ الانقلاب الداخلي ، ومنتصف عقد التسعينات انشق صهر  الرئيس ،  حسين كامل عن النظام وتوجه إلى الأردن ، وبعد أشهر عاد إلى العراق  ليقتل برصاص أبناء العمومة ، وتلك الحادثة  تناولها خبراء   معنيون بالشأن العراقي ، وعدوها خطوة أولى في طريق حدوث انشقاقات مماثلة ، بإمكانها الإطاحة بالنظام عن طريق الانقلاب الداخلي .
مطلع عام ألفين وثلاثة نشرت صحيفة إماراتية  مقالا لمعارض عراقي أشار فيه إلى أن استخدام القوة  العسكرية للإطاحة بنظام صدام ليس خيارا صحيحا ، وعلى أصحاب هذا الرأي الانتظار لحين بروز قوة أخرى ستحقق هذا الهدف بسقف زمني لا يتجاوز  أكثر من سنتين ، كاتب المقال رجح احتمال حصول  متغير نتيجة تنامي إرادات وصراعات داخل الأسرة الحاكمة  ،وقد يكون رأيه صائبا ،ولا سيما أن المنطقة العربية ملائمة جدا ومناسبة للانقلاب الداخلي .
في بعض الأحيان  يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ،  لأنهم أكثر استشعارا للخطر حينما يفكر صاحب القرار بإبعادهم أو إحالتهم  للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى أو سرقة المال العام ،  والوقائع  التاريخية تؤكد أن البطانة وتدخل النساء بالحكم كانت وراء الإطاحة بالعروش   والتخطيط لتنفيذ انقلاب داخلي على حد قول الحزبي المتقاعد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram