من البياع إلى الباب الشرقي استغرقت رحلة احدهم أكثر من ساعتين يوم الإثنين الماضي، للوصول إلى مقر عمله فواجه مكابدات ومفاجآت ومتاعب، سجلها في ذهنه على أمل أن يدونها في كتاب سيصدر بعنوان "رحلة الملتاع من الباب الشرقي إلى البياع " ليقدم نصائح للقراء حتى يتخلصوا من الزحام ويحافظوا على راحة البال ويتجنبوا الأهوال. وعلى طريقة سلفه ابن بطوطة استعار مؤلف الكتاب المرتقب اسم "ابن مشخوطة" ليجسد المعاناة اليومية لآلاف السكان من أهالي العاصمة بغداد أثناء عبور الجسور من الرصافة إلى الكرخ أو بالعكس .
مؤلف الكتاب يسكن في منطقة المعالف ، وسكان حيه أطلقوا على أمه اسم "مشخوطة " لأنها اعتادت على الدخول في مشاجرات كلامية مع نساء الحي لأسباب تافهة وأخرى تتعلق بدفاعها عن رجال البلدية والأداء الحكومي. والابن يحاول استعارة شهرة والدته مشخوطة ليحاكي رحلة ابن بطوطة بتسجيل مشاهداته في عاصمته في القرن الحادي والعشرين .
سيتضمن الكتاب نصائح وتوصيات لمن يرغب في اعتمادها ، ومنها اللجوء إلى رياضة المشي السريع للوصول إلى مكان العمل ، فهذا النوع من الرياضة سيوفر فرصة للتخلص من الكروش بإذابة المزيد من الشحوم ، وإمكانية التعرف على أصدقاء وصديقات ، بغض النظر عن الانتماءات الطائفية والقومية والمناطقية والحزبية ، بمعنى أن المشي ، سيكون عاملا مهما في ترسيخ وتوطيد السلم الأهلي بين أهالي العاصمة ، وبلورة موقف شعبي موحد يدعو إلى إزالة الحواجز والسيطرات عبر تنظيم تظاهرات سلمية لرفض عسكرة المدن ، ومنع الضباط الصغار من منتسبي الجيش والشرطة الاتحادية من إثارة أعصاب المواطنين ، ومن وصايا ابن مشخوطة في كتابه دعوته لاستقبال المسؤولين أصحاب السيارات المدرعة بالتصفيق الحار المجسب من قبل "المشاية " لغرض إشعارهم بأن الشعب العراقي مازال يحتفظ بولائه المطلق لرجال الحكومة والقادة السياسيين ، على الرغم مما تدعيه منظمات دولية بان بغداد أقذر مدينة في العالم ، والحكومة تضم عشرات المفسدين ، وملفاتهم وصلت إلى دول إقليمية .
السيدة "مشخوطة" المدافعة العنيدة عن الإنجازات الحكومية انطلاقا من إيمانها بان المسؤولين فيها ينتمون لأحزاب دينية ويعرفون الحلال والحرام ويعلمون الفرق الشاسع بين المعروف والمنكر، بعد استماعها لتفاصيل رحلة ابنها والشعواط الذي تعرض له صباح الاثنين الماضي، تخلت عن قناعاتها السابقة ، لكنها لم تعلن عن موقفها النهائي ، واكتفت بالتلويح بواسطة جفجيرها بتنظيم تظاهرة تنطلق من المعالف باتجاه المناطق المحصنة ، لتعلم المسؤولين درسا في احترام شعبهم وتلبية مطالبهم بإنقاذ المتعرضين للشعواط اليومي من الإجراءات الأمنية المشددة واستخدام جهاز كشف الزاهي والصابون .
تلويح مشخوطة بالتظاهر بالجفاجير ستسبقه استحضارات بعقد اجتماعات نسوية في المعالف لتوحيد الصفوف والاتفاق على ساعة الصفر، ووضع الترتيبات النهائية للتظاهرة وتحديد مسارها واختيار الشعارات المناسبة ، وشراء المزيد من "الجفاجير" لتكون بيد المتظاهرات واستخدامها سلاحا عند الحاجة للتخلص نهائيا من الشعواط العراقي .