حصلت شركة إنكليزية على امتياز التنوير وتوفير الطاقة الكهربائية ، منذ السنين الأخيرة من العهد التركي ثم استأنفته بعد الاحتلال البريطاني ، وكانت الشركة خاصة بالتنوير وتشغيل الترامواي كهربائيا . ولكنها اكتفت بالتنوير لضآلة أرباحها ( كانت تستوفي 28 فلسا عن الكيلو واط ).
وفي أواخر 1933 تعرض العالم إلى أزمة اقتصادية كبيرة ، وآثارها شملت العراق وارتبك الوضع المالي ، وهبطت الأسعار اضطرت الحكومة إلى تنزيل بعض الرسوم وتخفيف الكثير من الضرائب لتخفيف آثار تلك الأزمة . وقد شعر أهل بغداد بفداحة أجور التنوير التي تستوفيها شركة الكهرباء ، فقرروا مقاطعتها مقاطعة تامة ، ومهدوا لذلك بالتفاوض مع الشركة إلا أن ذلك لم يسفر عن نتيجة . قرر اتحاد نقابات العمال في بغداد ( نقابة أصحاب الصنائع سابقا ) إعلان المقاطعة العامة في مثل هذا اليوم من عام 1933 على أن يبدأ إطفاء الأنوار في اليوم التالي ، أيدت الصحف الوطنية مطالب النقابات ، واستعاض الناس بمن فيهم كبار السياسيين عن الكهرباء بالشموع والنفط . وقد لعبت جماعة الأهالي دورا بارزا في تلك المقاطعة ودعت إلى تأميم الشركة . وهكذا أمست بغداد في تلك الليالي مظلمة تثير الحزن . أما الحكومة فقد وقفت متفرجة في البدء ثم اضطرت إلى المفاوضة واستطاعت تنزيل فلسين من التعرفة ، إلا أن الإضراب استمر فاتخذت الحكومة بعض الإجراءات البوليسية وألقت القبض على بعض الأشخاص وعطلت عدداً من الصحف .