نصرت مردان استطاعت أعمال جبران خليل جبران أن تصمد في وجه الزمن، وتنجح في امتحانه.. ذلك أن دور النشر ماتزال تتسابق علي إعادة إصدارها بالرغم مرور أكثر من سبعين عاماً على وفاة مبدعها بالإضافة إلى ذلك فإن أعمال جبران لم تتجاوز حدود الزمن فحسب بل تجاوزت حدود المكان أيضاً. فهي اليوم مقروءة في جميع بقاع الأرض بعد أن تمت ترجمتها إلي معظم لغات العالمً.
فأدبه رومانسي وواقعي وصوفي وثوري وحداثي في الوقت نفسه، وهو مايمنح سر النكهة الخاصة التي تمنح أعمال جبران فرادتها وخصوصيتها لأنه يرسم و يفلسف الأمور فيها بروح مشرقية أصيلة لا غبار عليها، سوى غبار المزج بين ثقافات متعددة وعجنها ثم خبزها علي نار الطموح إلى مجتمع أفضل وحياة أرقى وعلاقات بين البشر تسودها السعادة المطلقة، التي لم يتمتع بها جبران نفسه. ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري بلبنان في 6 كانونالثاني 1883 وتوفي في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان. إذا كان الأدب العظيم هو الذي يتجاوز عصره الذي كتب فيه، ويبقي قادراً علي بث المتعة الأدبية وجذب جمهور القراء، بعد انقضاء الشروط الزمانية والمكانية التي كانت تحكم ظروف إنتاجه،فان أدب جبران استطاع أن يحقق هذه المعادلة لأنه مزيج من العناصر الرومانسية والواقعية والصوفية والثورية والحداثية، التي استطاع أن يؤلف بينها في توليفة سحرية، لا تأتي إلا لمبدع كبير حقا في وزن جبران خليل جبران. من منا لا يضع توقيعه هذا اليوم على ماقاله جبران قبل 75 عاما : ويل لأمة تكثر فيها الطوائف وتخلو من الدينويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصرويل لأمة تحسب المستبد بطلا"، وترى الفاتح المذل رحيما"ويل لأمة تكره الشهوة في أحلامها وتعنو لها في يقظتهاويل لأمة لا ترفع صوتها الا إذا مشت بجنازة، ولا تفخر الا بالخرابولا تثور الا وعنقها بين السيف والنطعويل لأمة سائسها ثعلب، وفيلسوفها مشعوذ، وفنها فن الترقيع والتقليدويل لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصفير،لتستقبل آخر بالتطبيل والتزميرويل لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين ورجالها الأشداءفي اقمطة السريرويل لأمة مقسمة إلى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه أمة.جبران خليل جبران عن كتاب(حديقة النبي) 1933
رائية جبران في حديقة النبي
نشر في: 4 يونيو, 2010: 04:20 م