TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > بيت (المدى).. تحتفي بالفنانة عفيفة لعيبي التي جعلت لوحتها بوابة للعالم

بيت (المدى).. تحتفي بالفنانة عفيفة لعيبي التي جعلت لوحتها بوابة للعالم

نشر في: 25 يناير, 2020: 09:57 م

 بغداد/ محمد جاسم

 تصوير/ سلام صبري

من جديد يحتضن بيت المدى في المتنبي قامة فنية سامقة، كعادته في الاستذكار والاحتفاء برموزنا الفنية والثقافية، هذه المرة اختار الفنانة التشكيلية المعروفة "عفيفة لعيبي" وبحضور فني جميل رغم برودة الجو، لكن الكلام عن عفيفة اضاف دفئا لاحاديثهم في الجلسة. ولدت الفنانة عفيفة لعيبي في البصرة و أكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة فيها، وتابعت دراستها بعد ذلك في معهد الفنون الجميلة في بغداد. وعملت أثناء ذلك كرسامة في الصحافة العراقية، بعدها غادرت العراق إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة والتخصص في الفن الجداري في أكاديمية الفنون الجميلة " سوريكوف" في موسكو. لم يكن بمقدورها العودة إلى بلدها العراق بسبب تعقد الوضع السياسي هناك، فغادرت إلى ايطاليا وبعدها إلى اليمن للعمل كمدرسة في معهد الفنون الجميلة في عدن، وكذلك في صحافة الأطفال كرسامة، واضطرت مرة أخرى لمغادرة اليمن والعودة إلى موسكو ومن ثم هولندا. أقامت مجموعة من المعارض في هولندا من أبرزها معرضها الشخصي الشامل في متحف "ايكاترينا خاست موزيم" في مدينة خاودا. حاليا متفرغة للعمل الفني وتقيم بشكل دوري وثابت معارضها الشخصية على قاعة الكاليري المعروف " دة تفيي باون" في مدينة لاهاي، ولها مساهمات دورية في معارض أخرى وقاعات اخرى مثل كالري كودا في أمستردام وكالري "بريما فيستة" في ماسترخت. وجسدت المرأة خارج نطاق حدود البشر والقيم والمعتقدات و... واعطتها حريتها التى سرقت منها.. في كل لوحة حكاية نضال للمرأة العربية والمرأة بشكل عام تستطيع المرأة ان تقرأها بطريقتها..

سؤال على شفة الزمن

اللوحة بالنسبة للفنانة لعيبي بوابة لعالم نراه بعيون عواطفنا وافكارنا واحلامنا فتقودنا الى فضاء يذيب غضبنا واحقادنا وشرور العالم المتعلقة بتلابيب ضمائرنا، ويثلج صدورنا المحترقة بالجهل والدونية ويحيلنا الى الهدوء الملائكي، ويحذف كل التفاصيل الزائدة من حولنا، ويضعنا أمام الحقيقة الفلسفية لجوهر الحياة "سؤال على شفة الزمن" يعبر عن رؤى الفنانة الفكرية والجمالية، التي توظف من اجلها كل الخطوط والمساحات اللونية وعناصر اللوحة الاخرى بأسلوب تتفرد به مفعلة في ذلك كل خبراتها وثقافتها الزاخرة المتراكمة، عبر المثابرة الجدية التي ميزت حياتها الفنية الطويلة.

تأثرت برسول علوان

قدم للجلسة الباحث "رفعة عبدالرزاق" واستضاف كل من الفنانين الدكتور "جواد الزيدي" والناقد "ناصر عبد الله الربيعي" رئيس تحرير مجلة باليت التشكيلية. قال عبد الرزاق ان الفنانة لعيبي شقيقة الفنان الكبير فيصل لعيبي. وهي من مواليد 1952 غادرت العراق الى الاتحاد السوفيتي لاكمال دراستها والتخصص بنوع من الفن التشكيلي. وبعد اشتداد هجمة سلطة النظام السابق على العناصر الوطنية والتقدمية اليسارية لم تستطع العودة الى العراق، فاتجهت الى ايطاليا ثم اليمن، وعملت هناك كمدرسة في معهد الفنون الجميلة في عدن. وساهمت بفاعلية كبيرة في الفعاليات الفنية الشعبية. سافرت الى بلدان عدة الى ان استقرت في هولندا وما زالت هناك. من ابرز الفنانين الذين اثروا بها الفنان التشكيلي رسول علوان.

نهلت من العراق وتعلمت لدى السوفيت وايطاليا

وقال الناقد الدكتور"جواد الزيدي"على الرغم من الكتابات النقدية واشارات المنافذ الاعلامية الأخرى التي تم تسليطها على تجربة الفنانة العراقية عفيفة لعيبي، الا أن هذا ليس كافيا وموازيا لحجم اعمالها على المستويين المعرفي والجمالي، لأنها نهلت بشكل مباشر من تجارب عديدة عندما تتلمذت على ايدي الريادات الأولى من التشكيليين العراقييين، وتعلمت أيضا في مناطق منتجة للفن الحديث في العالم. ونهلت الفن من منابعه الرئيسة (الاتحاد السوفيتي وهولندا) وتعددت آفاق تجربتها، واجتذابها الى الفنانين الروس المشتغلين على الايقونة والموضوعات الدينية، وأثر الفنانين الايطاليين السائرين على درب تمثيل الموضوعات نفسها فيما بعد.

مدرسة بغداد التصويرية

واضاف الزيدي: بيد أن هذه المرجعيات الجمالية المتعددة، على الرغم من أهميتها لم تقف عائقا أمامها لكي تؤسس ملامح تجربتها الخاصة، وتنهل من تجربتها المحلية والشرقية، فذهبت الى مدرسة بغداد للتصوير وتلقفت طبيعة الألوان وعلاقاتها البنائية، فضلا عن طبيعة الإنشاء التصويري ضمن هذه المنظومة البصرية، واقترابها من الفعل الجداري في الفن، كونها تربت على هذه الأساليب ،من خلال معرفتها بذلك في ضوء النماذج الفنية العراقية القديمة، ودراستها التخصصية للفن الجداري في معهدها الموسكوي، وهكذا زاوجت لتكون ثمرة توصلها لهذا الاسلوب، وتعلن تفردها عن الآخرين، بالإضافة الى خصوصية هذا الاشتغال على مستوى التشكيل النسوي العربي والعراقي، كونها ذهبت الى مسارات في تعضيد الرؤية الفنية لتختلف عما ذهب اليه الآخرون، كونها لم تتمسك بالتقنية أو تصعيد قيم الجمال فقط، بل حاولت جاهدة الى المغامرة في أكثر من ذلك وأبعد، لأسباب موضوعية تتعلق بالنشأة والتكوين الأول والدراسة والانتماء الفكري، واقتران الفعل الجمالي بهموم اجتماعية ومرامي انسانية كبرى تتجاوز النوع البشري أو الحدود المحلية والمناطقية.

الجمال غائب خلف غلالة الغموض

فيما تحدث الفنان الناقد ناصرالربيعي فقال:- هل افضى الاغتراب الذي تعيشه عفيفة منذ عقود عن العراق، الى جعلها تنتقل في تصوير وتجسيد الشكل الانثوي الى اشكال ذات بعد تأملي حزين وجامد التعبير، واحيانا لا يوحي باي عاطفة حتى لوكان جو حكاية مليء بالعاطفة المتأججة؟! نساء متشابهات في الوجه والجسد باوضاع تصويرية تستفز المتلقي، توهمه بان الفنانة مولعة في عرض جسد المرأة، لكنه عرض بعيد عن الاغراض الحسية والجنسية. ومن الواضح ان الجمال هنا هو غائب بحد ذاته، ويبدو متواريا خلف غلالة من الغموض البارد، حتى ان التوظيف الجسدي في اعمالها جاء في كثير من هذه الاعمال مصاحبا لاشكال ورموز اثارية وليست فلكلورية او تراثية، وخزين الرؤية الفنية المتراكم الذي يضغط على الذاكرة المتأرجحة بين الماضي والحاضر، افضى الى يقين لايفارق اعمالها (ان الوطن المفعم بالاساطير والحكايات هو مصدر الهام سحري لاينتهي)، مع بذخ واضح في التعبير في محيط لا يحاسب الفنان ويقيده عن تشكيل اجوائه من لوحات النهضة الى الايقونات الدينية والواقعية الاشتراكية، الى طرح اوصلها الى منجز ابداعي غاية في الجرأة القصصية لفنانة ذات انحدار شرقي محافظ. كما انها لا تعير اهمية للقيم المتعارف عليها لدى الكثيرمن اقرانها، واندفعت لتشكل اجواءها التأملية وعوالمها المبهرة ببساطتها المتداخلة مع روح الميثولوجيا لاسلافها العراقيين الذين درست تاريخهم في بغداد. وعملت على اكتشاف ماهو مغيب او غير مصرح به، وتمكنت من ان ترتقي بالذوق الفني بقدرتها الذكية في تفعيل المونولوج الداخلي لدى المتابعين، وبدأ الهدف يتحقق في الهجرة الاختيارية للعيش في محيط اوسع من الحرية والانفتاح، رغم عذابات المنفى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

أدباء ومثقفو ذي قار يحتفون بتوقيع رواية (الزعيم) للروائي الكبير علي بدر

علي بدر أول روائي غير موصلي يوقع روايته داخل أم الربيعين

بعد طحنها في الخلاط.. رأس ملكة جمال سويسرا في كيس قمامة

سروج الخيل صناعة تعود إلى الواجهة مجدداً

غابات الموصل بين التعديات السياحية وقلة العناية بتشجيرها

مقالات ذات صلة

غابات الموصل بين التعديات السياحية وقلة العناية بتشجيرها

غابات الموصل بين التعديات السياحية وقلة العناية بتشجيرها

الموصل / سيف الدين العبيدي تعد غابات الموصل واحدة من أهم المناطق السياحية في محافظة نينوى، حيث تعتبر متنفساً طبيعياً ومصدراً رئيساً للأوكسجين، كما أنها تتمتع بطبيعة خلابة تقع على الجانب الأيسر من المدينة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram