TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > العراق: الحلول المُمكِنَة والمُخاوِف المُضخَّمَة!

العراق: الحلول المُمكِنَة والمُخاوِف المُضخَّمَة!

نشر في: 9 يونيو, 2020: 04:16 م

 د. لؤي خزعل جبر

واحِدَة من ملاحظات إريك فروم الثاقِبَة إنَّ حلول مُشكِلات البشريَّة ممكنة وواضحة، ولكنَّ ما يجعلها مستحيلة هو ذلك التصوير المعقَّد للمُشكلات، مِن السلطات والخُبراء، فهُناك القوى والعوامِل الدولية والإقليمية والمحليَّة، وشبكات من المصطلحات الرنَّانَة التي هي – لوحدها – كافية لخلق اليأس، وكل ذلك صحيح،

ولكنَّهُ لا يعني أنه صحيح بالمطلق، فالمسألة مثل تلك التي تقول إنَّ مُتعلماً حاول استعراض عضلاتِهِ على إنسانٍ بسيط بكميَّة الكُتب التي قرأها، فأجابه ذلك الإنسان بأنه يعرِف كل ما في تلك الكُتب، فهي ببساطة تريد أن تقول: "يا ابن آدم، صير خوش آدمي"!! وبالفعل، كل الأديان والفلسفات والعلوم لا تريد إلا أن يصير الإنسان "خوش آدمي"، ولا تريد السلطات والقوى الإستغلاليَّة إلا أن يكون الإنسان "مو خوش آدمي"، ولذلك تخلق التعصبات والتطرفات والصراعات، ونجد السرقة والقتل والخيانة وكل الرذائِل الأخلاقيَّة.

ليس على الإنسان – أو من يريد التغيير – إلا أن يكون شجاعاً، شجاعاً لأن يكون نفسه، وليس ما تريد السلطات أن يكونه، وشجاعاً لأن يحب الآخرين، كل الناس، وشجاعاً في أن يلتزم بقيم بسيطة محددة: العقل والحب والعدالة، ويعمَل على تحقيق تلك القيم.

....

في العراق، هناك تضخيم للمخاوِف: جماعات مُسلحة، دولَة عميقة، ضغوطات دولية وأقليمية، انهيار الاقتصاد، مجتمع عاجز، النتيجة المنطقية ليس فقط استحالة التغيير، بل تواصل التدهور إلى نهايات مرعبة!

كل ذلك صحيح، لكن ليس بهذهِ الدرجة، فقائِدٌ شُجاع، ومجتمعٌ شُجاع، بحركاتٍ حقيقيَّة، سيكتشف إنَّ كل تلك القوى إنما هي نمورٌ مِن وَرَق، فهُم مرتزقة ومشوَّهون ومُزيفون، القوَّة الحقيقيَّة تكمُن في الناس، حينما يلتفون حولك، ويحصل ذلك حينما يلمسون إنَّ حياتهم تتغير بالفعل نحو الأفضَل.

مثلاً، الآن هُناك أزمة اقتصادية، حلولها المقترحة تقليل رواتب الناس، مما يزيدهم بؤساً وغضباً، ويؤدي لتدهور أكثر، وهي حلول مزيفة، بينما أحد الحلول ببساطة هو استعادة ما سرقه الفاسِدون، والفساد أصبَح أوضَح من الشمس، بكارثيَّة فضائحيَّة، تحقيقاتٍ بسيطة تكشفه، وتُصادَر أموالٌ طائِلَة تبني عشر دوَل، تحول العراق من فاشِلٍ مَدينٍ إلى قوة اقتصادية عملاقَة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram