مايكل جاكسون: حياة غريبة ووفاة مأساوية

مايكل جاكسون: حياة غريبة ووفاة مأساوية

ما يزال مايكل جاكسون موضع الاهتمام من النقاد والكتاب، وقد ظهرت كتب كثيرة تتناول جوانب متعددة من حياته، والصحفي راندول سوليفان يقدم نظرية جديدة عن حياته وشخصيته التي كانت مثار الاهتمام والإعجاب لأكثر من 25 سنة، وكان لقبه (ملك البوب) وتقول تلك النظرية إن جاكسون رفض الجنس، والعلاقة الحقيقية مع أي امرأة حتى آخر يوم من حياته.

ومن اجل التأكيد على ما يقول، يطرح سوليفان مقاربتين، فهو يحاول اولا ان يصور ان مبلغ الـ 15 مليون دولار التي دفعها جاكسون نتيجة الدعوى القضائية التي رفعتها ضده عائلة الصبي الذي اتهمته بتهمة التحرش، وكانت مجرد محاولة لابتزازه والتشهير.

أما المقاربة الثانية فهي تصوير الأعوام الأولى من حياة المغني اشبه باجواء ديكينز المأساوية: الغناء في الحانات القذرة وهو في سن الثامنة، وايضاً تعرضه للضرب وإخوته من قبل والدهم أو سجنهم في غرف ضيقة.

وكان جوزيف جاكسون، يمثل أسوأ صورة لأب، سرق طفولة أبنائه، بزجهم في العمل للاستفادة من نقودهم.

وهذه العوامل تضافرت معاً في نفس مايكل جاكسون، لتدفعه بعدئذ الى احاطة نفسه بالأطفال والاهتمام بهم.

وسيرة الحياة هذه التي قدمها راندول سوليفان تقدم الكثير عن (ملك البوب)، مركزاً على السنوات الخمس الاخيرة من حياته، كانت مرحلة الاضطراب والشغب، الاعتماد الكبير على الكيميائيات، كما ان ما جاء في هذه السيرة يطرح تفصيلات كثيرة لا أهمية لها وغير منطقية ومنها ما يسرده عما حدث بعد وفاة جاكسون والتشكيك في وصيته، ويشير الكاتب ايضاً الى العديد من الأشخاص الذين عملوا على استغلال جاكسون لغرض الاستفادة منه، وتقديم أنفسهم كقائمين على اعماله، حتى دون معرفة المغني الشهير بهم، اضافة الى افراد عائلته وأطماعهم في أمواله.

لقد عاش مايكل جاكسون مدركاً أن أي شخص يبغي إرساء علاقة صداقة معه، يهدف بالتالي إلى مقاضاته، لسبب ما، مستقبلاً ومع ذلك تواصل مع الآخرين، آملاً ان تكون العلاقة في هذه المرة، صداقة حقيقية، لا أهداف أخرى لها.

وتمتد تأويلات سوليفان إلى ما يعرف بالإسراف الشديد لملك البوب ونفقاته الزائدة لشراء التحف والمجوهرات والسيارات الفخمة، والتي تتخطى الأرقام السبعة عادة، وإضافة الى ذلك تجديد ديكورات منزله، في الوقت الذي كان إيراده غير كافٍ، معتمداً فقط على استثماراته ومبيعات موسيقاه.

ولكن التحول الكبير في حياة المغني الشهير حدث في عام 2009، حيث قدم ثلاثة من أصحاب البلايين، عرضاً له لإقامة حفل موسيقي في لندن وهم من اقطاب رؤوس الأموال: رون بوركل، توماس بارك وفيليب آنشوتز، والذين فكروا بإعادة النجم الشهير الى الأضواء.

وتغيرت اثر ذلك حياة مايكل جاكسون، بعد اعوام من الصمت والعزلة، اثر المحاكمة التي جرت والتهمة التي وجهت اليه، بالتحرش بصبي- في عام 2005.

وفي أعوام العزلة التي عاشها مايكل جاكسون إثر ذلك كان قد تحول الى ما يشبه الهولندي الطائر، وعاش في البحرين فترة من الزمن، تحت الرعاية الكريمة من الشيخ عبد الله بن حامد بن عيسى آل خليفة، الذي منحه 7 ملايين دولار، إضافة الى السكن وفي ما بعد، ضجر جاكسون من الحياة في الشرق الأوسط وغادرها الى ايرلندا مع أطفاله، محاولاً آنذاك العودة الى عمله الخلاق، بمساعدة عدد من نجوم موسيقى البوب.

ولكن اليقظة المتأخرة لاستعادة نشاطه لم تثمر، ومع وفاته المبكرة، يبقى مايكل جاكسون الاشهر في مجال موسيقى البوب، وفي مقدمة اعماله في هذا المجال، (ثريللير Thriller) الذي احتفلت الأوساط الموسيقية العالمية مؤخراً بمرور 30 عاماً على إصداره، ومرور 25 عاماً على صدور سيئ - Bed، وهما الألبومان اللذان سجلا رقماً قياسيا في المبيعات.

وفي عام 1983، انبهر العالم بهذا الموسيقي الشاب الذي قدم (ثريللير)، مغيراً أجواء موسيقى البوب وقبل هذا الألبوم، لم يكن عازفو الغيتار يرغبون في التعاون مع موسيقى (السول) وهي خاصة بالموسيقيين السود، ولذلك كان ظهورهم في القنوات الخاصة نادراً.

وكان جاكسون قد اطلق قبل ذلك بعيداً عن الجدار، اسطوانته السولو الاولى والتي بيع منها اكثر من ثمانية ملايين نسخة، وعند اطلاقها كان في الـ 20 عاماً من عمره، وكانت تلك الخطوة الأولى له في انفصاله عن أشقائه ونجوميته الطفولية في فرقة (موتاون).

وقد شك الكثيرون في إمكانية تواصل نجاح مايكل منفرداً، ولكن نجاح (بعيداً عن الجدار)، اثبت فشل تلك الآراء، لانه كان عملاً راقياً، ثم جاء بعد ذلك (ثريللير)، ليحطم كافة الأرقام القياسية في العالم الموسيقي.

وكان جاكسون ومنتجه كوينسي جونز، قد خططا مشروعاً ذا طموحات عالية، وكانت غايتهم طرح البوم يثير إعجاب الجميع من عشاق الموسيقى، ويفرض أهميته امام الإعلام، اذ كانت الصحف آنذاك لا تخصص الا حيزاً ضئيلاً للمغنين السود، ومن اجل إضفاء اهمية أكثر، استعان جاكسون وجونز بأيدي هيلن ليعزف منفرداً نغمات الروك، في أغنية –Beat it- أي (إقرع بوقة).

ومن اجل إضافة مجال أكثر شفافية للشريط الغنائي، غنّى بول مكارتني، مع جاكسون في اغنية (البنت لي)، كما شارك نجم أفلام الرعب الشهير فينست برايس، بصوته المروع بعض الألفاظ في بداية أغنية (ثريللر) ونهايتها، إضافة الى اصوات وقع الاقدام وفتح الابواب، والريح العاتية. وكانت نغمات وموسيقى الشريط الغنائي متعددة، وقد فاز الشريط الغنائي بـ 9 جوائز غرامي في الموسيقى، كما سجل رقماً قياسياً في المبيعات.

وبنجاح مايكل جاكسون، انفتح المجال أمام المغنين والموسيقيين السود، الذين لم يجدوا من قبل ترحاباً من الشركات الكبرى، وبدأ منتجو افلام (الفيديو) بتحويل تلك الأشرطة الغنائية الى أفلام، وجذب ذلك الامر، المخرج القدير، مارتن سكورسيزي (قدم فيديو عن البوم Bed) والذي فاز بجائزتي (غرامي).

ان تراث الألبومين (ثريللر وباد) ونجاحهما الساحق، إضافة الى اسلوب رقص مايكل جانسون ومقاربته لأنواع الموسيقى المتعددة، مسجلة وموثقة بشكل جيد وما زال مايكل جاكسون يثير الاعجاب، حتى بالنسبة للجيل الجديد، من المغنين ومنهم جاستن بيبير.

وقد رحل مايكل جاكسون عن العالم، تاركاً ذلك التراث من الموسيقى وأعمالا لا يمكن نسيانها أو تجاهلها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top