إذا استثنينا إقصاء المخرج البيلاروسي سيرغي لوشنييتسا وفيلمه «الكائن الطيّب» والمخرجة اليابانية ناوومي كاواسي وفيلمها «تلاشي » أو «صوب النور»، عن منصّة الجوائز، ومنح جائزة أفضل إخراج إلى المخرجة الأمريكية صوفي
إذا استثنينا إقصاء المخرج البيلاروسي سيرغي لوشنييتسا وفيلمه «الكائن الطيّب» والمخرجة اليابانية ناوومي كاواسي وفيلمها «تلاشي » أو «صوب النور»، عن منصّة الجوائز، ومنح جائزة أفضل إخراج إلى المخرجة الأمريكية صوفيا كوبولا عن فيلمها ( The Beguiled - المتسلّق)، فإن أقلّ ما يمكن أن توصف بها قرارات لجنة التحكيم الدولي للدورة السبعين لمهرجان «كان السينمائي الدولي» التي ترأسها المخرج الإسباني بيدور آلمودوڤار بأنها جريئة، معتدلة ومتناسقة مع التوقّعات العامة التي سادت أجواء المهرجان، وبالذات فيما يتعلّق بفيلم « الساحة » أو « المربّع » للمخرج السويدي روبين أوستلوند، الذي احتل منذ ساعة عرضه مواقع المقدّمة في التنافس على السعفة الذهبية والتي نالها عن استحقاق وجدارة.
وكما كان مُتوقّعاً فقد نال المخرج الروسي آندري زفياجينتسيف جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «بغضاء »، وكان من بين أقوى المرشّحين للسعفة الذهبية.
وبالامكان الجزم بأن المخرج روبين كامبيلّو عن فيلمه « ١٢٠ نبضة في الدقيقة»، لم يسرق من أحد أيَّ شيء عندما قلّده آلمودوفار وزملاؤه في لجنة التحكيم الدولية « جائزة لجنة التحكيم الخاصة »، ولم يكن قيام الجمهور في الصالة وتصفيقه المتواصل لدقائق إلاّ دليلاً على استحواذ هذا الفيلم ومخرجه وفريق ممثّليه، على إعجاب مُستَحَق وتقدير كبير لأداء الممثلين ولسمو الفكرة التي يتناولها، وهي الدعوة إلى عدم إشاحة البصر عن البشر فقط لاختلافهم، وحق المريض بعدم التعرّض إلى الإقصاء، وبالتعرّف عن نوع وخطورة المرض المصاب به والحصول على العلاج المناسب والخلاص من استغلال شركات انتاج الأدوية. وعلى رُغم الحصر، غير المفهوم من قبل المخرج، لحكاية الفيلم المركزية على شابّين مصابين بالآيدز، أي على الذكور فقط وتناوله الموضوع من وجهة نظر ذكورية فحسب كأن الذكور لوحدهم من يُصابون بهذا الوباء، فإن كامبيلّو لم ينزعْ إلى إصدار مانيفيستو سياسي أو اجتماعي، بل مرّ على موضوعة «الحب المِثلي » وعلى وباء الآيدز بموضوعية وبنبرة هادئتين بعيدتين عن الانحياز الآيديولوجي للقضيّة. ودون أن ينسى موضوعة «الموت الرحيم» التي تحتل اليوم في العالم، وفي أوروبا بالذات، موقعاً كبيراً في السجال المجتمعي والسياسي والآيديولوجي.
جائزتا التمثيل في مكانهما
وبرغم ازدحام الافلام التي عُرضت في برنامج المسابقة الرسمية بالممثّلين والممثلات، فإن جائزتي أفضل ممثلة وأفضل ممثل مُنحت إلى بطلي فيلمي ( in the fed ) للتركي فاتح آكين، دايان كروغيير، وإلى جواكين فوينيكس بطل فيلم « أنت لم تكن هناك أبداً » للبريطانيّة لين رامسي، وتمكّن كل من كروغير وفوينيكس من الفوز على منافسات قويّة من قبل ممثلين وممثلات أدوا أدوارهم بشكل رائع.
وحاز فيلم لين رامسي أيضاً على جائزة أفضل سيناريو، والذي كتبته المخرجة نفسها. ومُنحت هذه الجائزة إلى رامسي مُناصفة مع سيناريو فيلم « The Killing of a sacred deer » لليوناني يورغوس لانثيموس، والذي كتبه المخرج برفقة آفثيميس فيليبّوو.
وقد ندرت الأسماء الأمريكية في الجوائز، إذْ لم تذهب أبعد من الجائزة القابلة على الاعتراض عليها إلى صوفيا كوبّولا، والأخرى، المستحقّة، وجائزة التمثيل الرجالي إلى جواكين فوينيكس في فيلم مخرجة بريطانيّة. وخلت القائمة بالكامل من أسماء افلام قادمة من الشرق الآسيوي، إذْ ذهبت غالبية الجوائز إلى السينما الأوروبية، التي حظيت بالقسط الأكبر من الحضور داخل البرنامج الرسمي للمهرجان.
انتهت الدورة السبعون من المهرجان في ظل إجراءات أمنية مشدّدة وضعت ماكنةً بالدرجة الأولى، ولأول مرة في تاريخ هذا المهرجان أمام صعوبات حقيقية وتسبّبت في إزعاج كبير للمشاهدين والنقاد وتأثيرات في ابتداء عروض كثيرة، لكن ما ميّز اختيارات المدير الفني لبرنامجه الرسمي هو ضآلة عدد الأفلام الجيّدة، أو تلك التي ستظل عالقة في ذهن الجمهور، إذْ لم يتجاوز عدد الأفلام الجيّدة خمسين في المائة من مجموع الاختيارات للبرنامج الرسمي، وبالذات فيما يتعلّق بفيلمي الافتتاح والختام، فلم يكن للفيلم الفرنسي « أشباح إسماعيل » للفرنسي آرنو ديبليشان أيّما يؤهله لشرف افتتاح الدورة السبعين إلاّ كونه فيلماً فرنسياً، فيما لم يكن إختيار فيلم « D’après una histoire vraie » ومنحه صولجان اختتام الدورة الاحتفالية السبعين، إلاّ محاولة لامتلاك إسم وشهرة مخرج كبير مثل رومان بولانسكي.
ونالت الاميركية صوفيا كوبولا (46 عاماً) جائزة الاخراج عن فيلمها "ذي بغايلد" مع انه قوبل بفتور. وهو اعادة لفيلم يحمل العنوان نفسه لدون سيفيل من بطولة كلينت ايستوود (1971).
وقالت كوبولا في رسالة تليت على المسرح "اشكر ابي لانه شاركني حبه للسينما" في اشارة الى والدها المخرج الاميركي الكبير فرنسيس فورد كوبولا.
وقد نالت ثلاث نساء أخريات جوائز في كان هذه السنة وهو أمر غير مسبوق.
فبمناسبة الدورة السبعين لمهرجان كان، منحت جائزة خاصة الى الممثلة الاسترالية الاميركية نيكول كيمان (49 عاماً)التي شاركت في فيلمين ضمن المسابقة الرسمية.