TOP

جريدة المدى > عام > مدير قسم النشر عبد الهادي فنجان : المخطوطات لم تتعرض للسرقة لحفظها في خزائن محصّنة

مدير قسم النشر عبد الهادي فنجان : المخطوطات لم تتعرض للسرقة لحفظها في خزائن محصّنة

نشر في: 5 يونيو, 2017: 12:01 ص

 
الرهبة، والصمت اللذان يُخيّمان علينا خشوعاً لا يُبعثان في ارواحنا في المعابد، وخلال الصلوات فحسب، هنالك أماكن ومواقف، واحداث تبعث فينا من مشاعر الذهول، وعظمة القُدسية، ما يتفوق على بيوت الدين، وتراتيل الصلوات، فتلك تُرتل سكينة، تضجُ تعالياً ب

 

الرهبة، والصمت اللذان يُخيّمان علينا خشوعاً لا يُبعثان في ارواحنا في المعابد، وخلال الصلوات فحسب، هنالك أماكن ومواقف، واحداث تبعث فينا من مشاعر الذهول، وعظمة القُدسية، ما يتفوق على بيوت الدين، وتراتيل الصلوات، فتلك تُرتل سكينة، تضجُ تعالياً بعبق عطرها القديم، وما تحمله بين طيات أماكنها من تأريخ وحروب، وسلام، وعشق، وحكايا، غُبار تلك الاماكن يحمل بقايا أناس سكنوها، رائحتها تستذكر احداثهم، تنقل مشاعرهم، نسيمها يُعبر عن شوقهم ولهفتهم، هوائها المُثقل بالقِدم، بجمال البساطة، والبدائية...

هذا بالضبط ما انتابني من مشاعر حين خطت قدماي باحة مكتبة المتحف الأثريّ العراقي، وهو شعور لا يختلف ابداً عمّا احسسته عند زيارتي المتحف ذاته، فجأة تشعر أن الضوء يبدأ بالانخفاض، وأن أرواحاً من زمنٍ بعيد تمسك بك بشدة وتراقصك، وأن بين سعادة باكية، وبكاء يغلب عليه الابتسام، ترقص بخطى مترددة، وترتل عظيم الأيات التي لم يُنزلها حتى الرب، رهبة الجمال وقداسته تتغلب دائماً على كل شيء....
المكتبة كبيرة، رائحة الكتب المثقلة بالغبار القليل الذي يُغطيها، لذيذة، مُتعة السكون الذي يخيم عليها، يُذهل المسامع، أما في ارجاءها، السيدات اللاتي يجلسن للعناية بها وإدارتها يُشبهن الجنيات الطيبات في قصص الأحلام والخيال، وأنا اشعر أني كالأميرة التي دخلت كهفاً مُظلماً لتجد أن بريق الماس ينبعث من جدرانه، كُتب اللغة العربية في الطابق الاول من المكتبة كانت تضم حكايا عن جميع المعالم الاثرية داخل العراق وخارجه، إنها تتكئ مُستندة بعضها إلى الآخر، وقد أثقلتها الأمانة التي تحملها بين صفحاتها، أحياناً اشعر أن هذه الكتب تتهامس مازحة، وفرحة، بعناية تلك الجنيّات الطيبات، وأخرى اجدهن يتهامسن من قدومي ضيفة جديدة أحلُّ عليهم...
المكتبة مُقسمة إلى شعب، وكل شعبة تسكن طابقاً خاصاً، أشرت إلى طابق اللغة العربية، أما طابق اللغة الانكليزية يتضمن حكايات أؤلئك الرحالة الاجانب الذين زاروا البلاد، وفارقوها بكتاب، عبروا خلاله عن حكايتهم مع هذه البلاد، الكتب الاجنبية وكتب الرحلات خاصة تضم رحلات هؤلاء الرحالة إلى دول مختلفة، وبخاصة العراق، وحكاياتهم مع تنقيباته الأثرية..
أما الطابق الآخر فيتضمن روح اللغة القديمة، وهو شعبة المسماري " اللغات القديمة" وهناك وجدت نفسي عاجزة عن فهم كل شيء، فهي رموز لا يفهمها ولا يفكها سوى الباحثين المختصين في مجالها، إنها بحاجة لقواميس لتعيننا على فهمها، ودراسات عميقة، تخيلت أنا وبزي نيانتردال، أحاول قراءة ما يُكتب، والحديث بحروف لها ابجديتها الخاصة، لهذا الطابق ألق خاص، مُهيب حتى أنه يُفقدنا صوتنا.
هذه المكتبة بكتبها وجمالها، تحتاج لعناية، وإضافة إلى اهتمام وعناية الجنيات الطيبات، فهنالك غُرفة أخرى في الطابق الرابع وهي شعبة التجليد، التي تعمل على اعادة تجليد الكتب تجنباً من فقدان بريقها بسبب كثرة الاستخدام والتنقل بين الأيدي، وهذه الشعبة تعمل على صيانة الكتب واعادة ترميمها...
كُل شيء مذهل، ورغم أني ذهبت إلى هناك محملة بالأسئلة، إلا انني نسيت كل شيء واصبحت خاوية ما إن اطلعت على هذا البهاء، حاولت أن ارتب افكاري مُتسائلة، الى ايّ مدى تُشكل هذه المكتبة اهمية بالنسبة للمتحف الاثري العراقي، وهل تُعد جزءاً منه، أم انها جانباً منفصلاُ عنه؟ ليُجيبني مدير قسم النشر في المكتبة عبد الهادي فنجان قائلاً " إن المكتبة جزء مهم لا يمكن استثناؤه عن المتحف، ففي كل انحاء العالم توجد متاحف ومكتبات متخصصة، لهذا نجد علاقة وثيقة وتكاملية بين المكتبة والمتحف".
هذا السؤال ذاته يخلق تساؤلاً آخر، فكما قال فنجان، إن المتحف والمكتبة متكاملان، إذاً هنالك كُتب تخص النفائس والآثار التي تقع ضمن بناية المتحف، ليقول فنجان " نعم مؤكد هنالك كتب عن كنوز وآثار المتحف العراقي، وقد تكون من أهم هذه الكتب التي أُعدّت عن النفائس الموجودة في المتحف العراقي، اعدها الباحث فرج بصمجي".
هل يأتي الزوار والسيّاح الاجانب لزيارة مكتبة المتحف الاثاري، كما يفعلون بزيارة المتحف ذاته؟ أم أن هذا النوع من المجالات لا يلقى عنايتهم، ولا يجذب اهتمامهم؟ عبد الهادي فنجان يجد أن هذا الجانب يُهم جزءاً خاصاً من الزائرين ويقول " بالطبع  يهتم الزائرون بمكتبة المتحف، ولكن أيّ نوع من الزائرين هؤلاء؟ أنهم الباحثون والمنقبون والدارسون من الاجانب والعرب والعراقيين، يسلطون جليل اهتمامهم على هذه الكتب، ويحضرون لاستعارتها " استعارة داخلية" ويعملون على الاطلاع عليها وأخذ المعلومات منها".
زوارٌ اجانب وعرب يزورون مكتبة المتحف للحصول على معلومات عنها!! في ظل هذه الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد، ألا يُشكل هذا الأمر خطورة على المعلومات الاثرية في بلادنا، وكيف يتعامل المسؤولون مع هذه الحالات في حال زيارة منقب وباحث غير عراقي؟؟
فنجان يجد أن هذه المهمة بعيدة عنه، وعن المسؤولين عن المكتبة، فمهتمهم مقتصرة على العناية بهذه الامانة الكبيرة، وهنالك من يتابع هذا الامر ويقول " هنالك دائرة المتاحف وهي التي يقع على عاتقها مثل هذه الحالات، فحين يأتي زائر غير عراقي ويطلب الاطلاع على شيء معين يجب عليه أن يقدم طلباً لدائرة المتاحف، وسيقوم المعنيون بالمهام بمساعدة هذا الزائر وفق الموافقات التي سيحصل عليها، فإذا كان باحثاً سنوفر له بعض الكتب اللازمة، وإذا كان منقباً ويحتاج إلى مصورين لعملية التنقيب فنحن نمتلك كادراً لهذه المهام، ليتم تصوير وتسجيل عملية التنقيب التي يقوم بها، وهنا سنتابع مع المنقب ما يبحث عنه، ونتابع معه العصور التي يقوم بدراستها والبحث عنها، وكل العصور موجودة ومقسمة وفق ضوابط وآليات، إضافة الى المسكوكات أيضاً".
مسكوكات! عصور! مُقسمة؟ حسناً يا سيدي أنا اجهل تماماً ماذا تعني بعصور مقسمة ومسكوكات، فهل لكّ أن توضح لي ذلك، ليجيب فنجان قائلاً " نعم بكل تأكيد، أقصد أن المنقب سيقوم بالبحث عن أيّ عصر أثري مرّ على هذه المنطقة، فالتنقيبات تقام في مناطق ذات تلول وفي تلك التلول يتبين كم عصر اثري مرّ به الافراد ، فالعرب والمسلمون يبنون على مكان التل الذي تحول بعد تدمير المنطقة الاشورية من قصر الى تل، وهنا سنعرف من هي الدولة التي بنيت فوق ذلك التل، وهي طبقات لعصور متسلسلة مقسمة الى " الاشورية والبابلية، والطبقة التي بعدها  قد تكون فرثية، أو ساسانية، وبعدها العهد الاسلامي كما اسلفنا الذكر، وبعدها العهد العثماني والذي لم يشهد الكثير من البناء سوى ما عُرف بالقشلة وهي عبارة عن حجر وطين."  والمسكوكات ؟ " المسكوكات هي العملة النقدية لكل عصر وكل دولة، وهذه القطع النقدية المعدنية لا يمكن تزويرها ابداً، ونحن أيضاً نقيم معارض بين الحين والآخر لعرض هذه المسكوكات ضمنها".
نعود بحديثنا إلى الكتب،  هل تفتح المكتبة ابواب الاستعارة لهذه الكتب؟ وهنا اقصد الاستعارة خارج حدود المكتبة؟  " في الواقع حدود الاستعارة داخلية، ولا يمكن لأيّ زائر أن يأخذ الكتب معه خارجاً، ذلك لأنها نادرة، وبعضها تعامل معاملة النفائس، سابقاً شهدت المكتبة استعارات خارجية من قبل بعض المسؤولين، وكُنا نسمح لهم باستعارة الكتب خجلاً منهم، ولكننا تعلمنا درساً جيداً، لهذا منعنا الاستعارة الخارجية تماماً ومن يرغب بالاطلاع على هذه الكتب فقط ضمن حدود المكتبة".
هذه المكتبة تضم الكثير من الكتب المهمة، وكونك رئيساً لقسم النشر، في هل لي أن اسألك ضمن أي مقاييس توافق على نشر الكتاب الذي يُقدم لك لطباعته ونشره؟ فهل هنالك مقاييس معينة أم انك تكتفي بمعرفة انه كتاب اثري؟، أجاب فنجان "بالطبع هنالك مقاييس عديدة فيجب أن تكون هذه الكتب معنية أما بالتنقيبات أو التحريات والتاريخ، أو الصيانة، على سبيل المثال، هنالك كتاب لمحمد علاء جرجيس يتحدث عن مدن اشور الاربع وعن بوابات اشور، وكيف اكتشفت هذه البوابات واعيد صيانتها، ايضاً مثال آخر لكتاب الكفل وهو يتحدث عن معيشة اليهود والجالية اليهودية وما هي الصراعات والأحداث التي حدثت ضمن فترة معيشتهم في منطقة الكفل".
بالطبع الكتب التي تقوم بطباعتها ونشرها في قسم النشر يتم تخصيص عدد منها إلى مكتبة المتحف؟، فنجان " بكل تأكيد نحن نخصص قرابة الست نسخ إلى المتحف، ونحن نقوم ايضاً بطباعة مجلات مثل سومر والمسكوكات وايضاً نوفر نسخاً منها إلى مكتبة المتحف".
مسكوكات، وكتب، اثارٌ ونفائس، أين المخطوطات من مكتبتكم؟ فهنالك مخطوطات مهمة كانت تقع ضمن حدود هذه المكتبة أين هي اليوم؟
عبد الهادي فنجان "كانت المكتبة تحوي كتباً ومخطوطات كثيرة، ولكن في الستينيات من القرن الماضي، فُصل  قسم المخطوطات  تماماً عن المكتبة والآن اصبحت مديرية عامة للمخطوطات، حيث نُقلت هذه المخطوطات إلى اماكن بعيدة وهي مخازن، عبارة عن بيت أثري تابع للمسؤولين القدماء السابقين أمثال السويدي وغيره، ويجب أن نذكر أن هذه المخطوطات كُبست جميعها واحيلت إلى مخازن بعيدة، ومنها كنز نمرود، الذي قد اشببّه بالقنبلة الذرية لأنه وصل إلى العالم بأكلمه، ومخطوطات هذا الكنز اكتشفها عالم أثري اصنفه أنا من الرواد وهو سالم يونس، هذا الكنز كان مخزوناً في فترة ما في البنك المركزي العراقي، وقد تم وضعه في شوالات هناك، وقد تعرض للدهس بسبب عدم الدراية بأهميته، حتى راسل دوني جون المسؤول آنذاك عن المكتبة، الاميركان وقد اخرجوه من هناك، وجاءوا به الى المكتبة ليحفظ في مخازن سرية".
أهمية هذه المخطوطات تماماً كأهمية الثروات والنفائس المدرجة ضمن مبنى المتحف، فكيف حافظتم عليها في فترة السرقة التي تعرض لها المتحف؟ ، قال عبد الهادي فنجان " في الواقع تعرضت المخطوطات إلى محاولات سرقة، ولكن لم يستطع أحد الوصول لها لأنها كانت موضوعة ضمن مخازن لا يمكن لأحد أن يمسسها أو يصل لها، ثم أننا احضرنا ما يقارب 40 خزانة لا يمكن أن تتأثر بشيء لا الحرق ولا الرصاص ولا أي شيء وهي محكمة الأقفال ولا يمكن أن تفتح إلا بمفاتيح خاصة واستخدمناها لحفظ هذه المخطوطات وحمايتها".
وهذه المخطوطات التي تبدو على درجة عالية من الأهمية، هل تُعرض احياناً للوفود والزوّار للاطلاع عليها؟ ، فنجان "نعم بالطبع تٌعرض كمقتنيات ضمن معرض وبعدها يتم اعادة خزنها، لقد اقمنا العديد من المعارض للمخطوطات وبحضور وفود مهمين جداً".
ولم  أكتف بحديثي عن مكتبة المتحف مع مدير قسم النشر عبد الهادي فنجان، والذي كان سخياً بعطاءاته، ولكني كُنت بحاجة إلى من هو أقرب لتلك الكتب، لشخص يُلامسها ويتعامل معها طوال اليوم، ويكون جزءاً لا يتجزأ منها، فتساءلت من المسؤول عن إدارة هذه الكتب، ببساطة من هو امين هذه المكتبة، وكانت سيدة لطيفة جداً تدعى سوسن طالب، والتي علّقت على حديثي عن  ارتفاع درجة حرارة المكان وثقل رائحة الكتب بقولها " انها اجمل رائحة، فعطر هذا المكان اصبح جزءاً منّا نحن المسؤولات عن ادارته".  
سوسن طالب امينة مكتبة المتحف العراقي تحدثت لي عن أهم اركان المكتبة، مُبتدئة من القسم العربي، وذكرت أن هذا القسم يتضمن  (مجلة سومر) " والتي تُعدّ أهم مجلة يتم خلالها نشر مقالات الباحثين والمختصين الآثاريين، وما يتم خلاله من اعمال صيانة وتنقيب اثري، ايضاً تتضمن المجلة بحوثاً لدكاترة وباحثين، عن تنقيبات وآثار عراقية وعربية وعالمية، وقد انطلقت هذه المجلة منذ عام 1945 في اصدارها الاول، وحتى اليوم مستمرة بإصداراتها وعطاءاتها، ليكون رئيس تحريرها الآن قيس حسين رشيد".
من المؤكد أنك مدركة وعارفة بكل ما تضمّه هذه المكتبة، فهل لكِ أن تتحدثي عن نوع الكتب التي يضمها قسم العربي هنا ؟ قالت طالب " بالطبع أن هذه المكتبة وكما تعلمين هي مكتبة متخصصة تضم جميع كتب  الآثار وتاريخ والادب والثقافة التي تقع ضمن حدود الاثار والمعارف القديمة الخاصة بقِدم المدينة، وهذه الاثار لا تخص العراق فحسب وإنما الاثار العربية والعالمية، إضافة الى وجود بعض الكتب الثقافية العامة ولكن بنسب قليلة، ككتب رواية واجتماع وغيرها".
هل لنا أن نعرف أهم الكتب التي يضمها القسم العربي ؟ " بالطبع هذا القسم يتضمن بالدرجة الاولى الحوليات، والتي تتحدث عن المجالات الادبية والثقافية التي كانت تنشر في العراق سابقاً، في الوقت الذي كان لدينا فيه تبادل كتب مع الدول العربية والاجنبية، ايضاً هنالك كتب تركية وفارسية مهمة جداً وقديمة، اضافة الى ما تحتويه الكتب على نفائس من الكتب التي تعنى بالآثار".
وهل شهد أحد الكتب في هذه المكتبة اقبالاً مميزاً دون أخريات؟  لتجيب سوسن طالب " بالطبع ان مجلة سومر تشهد اقبالاً غير مسبوق، وذلك لأنها مجلة مرجعية ومهمة لطلاب التاريخ والباحثين الاثاريين، واغلب الطلاب يأتون للبحث والاطلاع عليها خلال تقديم بحوثهم، أو العمل على مشاريع تخرجهم التي تعنى في مجال الاثار، طبعاً اضافة ايضاً الى السلامات التركية التي تعد ايضاً مهمة وهي تحتوي على معلومات تخص الفترة العثمانية وكل ما هو موجود في العراق آنذاك، من الحياة العامة والتجارة والعمل والسياسة، ايضاً كتاب آخر يعد مهماً جداً وعليه اقبال واسع وكبير، وهو كتاب دليل خارطة بغداد الذي لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه محدداً لمناطق مدينة بغداد القديمة والحديثة، وهو يهم فئة الطلاب الباحثين جداً".
كونكِ امينة مكتبة كيف تتعاملون مع من يرغب باستعارة الكتب؟ طالب تقول " نعم الامر غاية في البساطة، فمن  لديه عناوين كتب يمكن أن يأتي إلى هنا ويأخذ المعلومات عن الكتب  داخل المكتبة أي أن نوع الاستعارة هي "الاستعارة داخلية" ، ويزورنا هنا الكثير من الطلاب الدراسات العليا، وطلاب المرحلة الرابعة ايضاً ممن لديهم عناوين كتب".
الكتب الموجودة ضمن حدود هذه المكتبة، هل جميعها مأخوذة عن دار الطباعة والنشر التابعة إلى المكتبة؟ أم أن هنالك كتباً خارجية من دول اخرى، أم من شخصيات عامة معروفة، اهديت إلى المكتبة؟
سوسن طالب " نعم بالطبع قسم كبير من الكتب هي من دار الطباعة والنشر الخاصة بنا، وايضاً هنالك قسم كبير جداً أُهدي سابقاً من دول اجنبية وعربية، كُنا نتبادل معها الثقافة الاثارية." عفواً، مقاطعة وهل لازالت هذه التبادلات في الكتب مستمرة مع الدول هذه؟ ، " للأسف بالطبع توقف هذا التبادل بسبب الظروف السيئة والصعبة التي تمر بها المنطقة العربية على وجه العموم، والعراق خاصة، ولكن نحن نتأمل أن يتحسن الحال ونعود للتبادل الثقافي هذا من خلال استقطابنا لعدد من الوفود الاجانب والعرب ، ومحاولاتنا معهم للعمل على تقوية روابط الثقافة".
تحدثنا كثيراً عن اهم الكتب التي تضمنها القسم العربي فهل لنا للانتقال بحديثنا عن أهم الكتب التي تتضمنها باقي الأقسام؟
سوسن طالب " نعم بالطبع، فالقسم الأجنبي يضم كتب الرحلات، وهي كتب مهمة جداً خاصة تلك الرحلات لرحّالة زاروا العراق، وتحدثوا عنها، فلدينا كتاب لمس بيل، وهو عبارة عن رسائل وبمجلدين، إضافة الى رحلاتها إلى السعودية وغيرها، وهي كتب ثبتتها عام 1926، ايضاً هنالك كتب لرحالة جاءوا من اجل التنقيبات، ففي عام 1898 بدأ هؤلاء الرحالة بتدوين تنقيباتهم، وكانت على نوعين، بعضها موقعية حيث يحفرون ويأخذون كل ما يجدوه " يهربوه " فيما يعرف " بالطوف" وهو اشبه بالقارب في عبر النهر، وهذا النوع من التهريب تعرضت له غالباً اثار الموصل منها الثور المجنح، وكانت اغلب الاثار تتعرض للغرق بمجرد أن يتم وضعها في الطوف وذلك لثقل حجمها، وهذا ما كان الفرنسيون يقومون به حيث يهربون الاثار بالطوف الى بغداد ومنها إلى البصرة، وبعدها في الخليج يتم وضعها في سفن فرنسية."  كانت سوسن تتحدث بشغف عن هذه الاثار وكتب الرحلات ويبدو انها تمتلك الكثير من المعلومات حول هذه الكتب، فيبدو أن هذه السيدة لوحدها كنز اثري وقالت بعدها " ان افضل المنقّبين هم الالمان، كانوا علميين ودقيقين في المعلومة وقد اقتصرت تنقيباتهم على منطقة بابل الاثرية، بعدها جاء الانكليز، في عام 1923 و1924، وتدخل الاميركان ايضاً في عمليات التنقيبات وكان الاتفاق بين الاميركان والاتراك أن يأخذ الاميركان الأحجار، اما الاتراك فيأخذون الذهب، وحين جاءت مس بيل قررت، أن تُهرب النسخ المكررة، ويحتفظ  بنسخ عنها في العراق، اما النسخ التي لا تكرار لها فتبقى هنا لحين أن أسّست المتحف العراقي لحفظ وعرض الاثار".
 وماذا عن الأقسام الأخرى، حسناً، القسمان الآخران هو المسماري، وهذا يحتاج إلى متخصصين ليفكوا رموز اللغة التي نجهلها نحن فهي كتابات بابلية وآشورية، يدرسها بعض من الباحثين ويفهمونها مستعينين ببعض القواميس، اضافة الى قسم التجليد الذي نستطيع من خلاله العناية بالكتب واعادة تجليدها كلما تعرضت للتعب أو بدايات التلف.
تساءلت، هل هنالك كتب تعتبرينها خطرة جداً او تُعدّ بمثابة ثروة ؟، قالت سوسن طالب " بالطبع هنالك كتب نفيسة وتعامل معاملة المخطوطات وهذه الكتب موثّقة ومصوّرة ومحفوظة بعناية فائقة، ولا تظهر إلا حين تقام معارض خاصة لها".
الرحلة الى مكتبة المتحف العراقي كانت طويلة وغنية، إلا اننا لم نكتفِ بما حصلنا عليه من هذه الثروة المعرفية العظيمة، ويبدو أننا بحاجة إلى زيارات أخرى لمعرفة المزيد والاطلاع على المزيد.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

رولز رويس أم تِسْلا؟

جُبنة ألسخوت(*)

موسيقى الاحد:أريش فولفغانغ كورنغولد

صورة سيفو في مرآة الوهايبي

نادي السرد في اتحاد الأدباء يحتفي بالقاص حميد الزاملي

مقالات ذات صلة

"لِوِيسْ بَاراغَانْ"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5852-7-2.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <اَلْعِمَارَةُ عِنْدَ "اَلْآخَرِ": تَصْمِيمًا وَتَعْبِيرًا > "لِوِيسْ بَاراغَانْ"

د. خالد السلطاني معمار وأكاديمي هل بمقدور نوعية <ناتج معماري> محدد أن يؤسس لسمعة معمارية عالمية؟ وهل بوسع <مفردات> معمارية بسيطة ومتواضعة.. ومحتشمة ان تكرس مثل ذلك التمجيد وتضفي ثناءً ومديحاً لمعمارها المصمم؟ وهل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram