TOP

جريدة المدى > عام > وجوه الحب الثلاثون..سعادة واحدة في هذه الحياة.. هي أن تُحِب وتُحَب

وجوه الحب الثلاثون..سعادة واحدة في هذه الحياة.. هي أن تُحِب وتُحَب

نشر في: 11 يونيو, 2017: 12:01 ص

|    10    |
كان في الثانية عشرة  من عمره حين أدرك  الحب  لاول مرة، فقرر ان تكون هديته الاولى الى حبيبته الصغيرة  قطعة موسيقية من تاليفه، كان فريدريك شوبان المولود في الاول من آذار عام 1810، يسبق سنه

|    10    |

كان في الثانية عشرة  من عمره حين أدرك  الحب  لاول مرة، فقرر ان تكون هديته الاولى الى حبيبته الصغيرة  قطعة موسيقية من تاليفه، كان فريدريك شوبان المولود في الاول من آذار عام 1810، يسبق سنه وعصره، لكنه في المقابل كان اكثـر افراد عائلته ميلاً إلى الحب، ولعل النصيب الضئيل من  الاهتمام والحنان الذي منحته اياه امه، دفعه الى الارتماء في احضان أخته الكبيرة لودفيكا، التي قالت يوما لابيه :" ارجوك اتركه  يعشق كما يريد، انه يبتعد عن تقاليدنا، لانه ليس انسانا عاديا "،

 كان دائم البحث عن الحب والحنان  وكان قلبه يخفق  في عنف حين يرى فتاة جميلة، ولم تكن حكاية غرامه في سن المراهقة إلا  بداية طريق طويل، اذ اعجب بعدها بجارتهم التي لم تتجاوز الخامسة عشر من، عمرها فكتب لها رسالة  يعلن فيها انها ملأت حياته بهجة، وترك لها الرسالة أمام باب غرفتها، وعاد الى البيت وهو يأمل ان تصبح " اميليا " ابنة الخامسة عشرة وصديقة اخته إيزابيلا، أمل حياته، لكنه سرعان ما اصيب بخيبة امل وتعرض الى نكسة صحية  حين عرف بنبأ خطبيتها، ونراه ينصرف الى الموسيقى، يجلس على البيانو الأسود  يدرب اصابعه التي ستأخذه فيما بعد الى طريق المجد والعبقرية، وهو يتذكر ان تحت اقدام هذا البيانو الكبير كان يستمع الى امه وهي تعزف، وعندما تستريح كان يستلق الكرسي ليجلس مكانها يعيد نفس المقطوعات التي عزفتها، انذاك لم يتجاوز السادسة من عمره حين اعلن صديق والده " زاروني " ان هذا الطفل الصغير يمتلك موهبة فريدة .
  يواجه الجمهور لاول مرة  ولم يتجاوز عمره الثماني سنوات    حيث يعزف احدى مقطوعات موزارت، ووسط انبهار الجمهور كتب الناقد الفني  لصحيفة " وارسو " " ان فريدريك شوبان  الطفل عبقرية حقيقية في عالم الموسيقى ..ولو كان قد ولد في فرنسا او المانيا  لكان اليوم مشهورا في العالم".
في التاسعة عشرة من عمره تعرف على كونستانس، كانت قد جاءت هي وشقيقتها " جيني " من احدى ضواحي وارسو  لتتعلم البيانو على يد فريدريك،  وتردد لحظات  ايهما يحب، لكن قلبه اختار كونستانيس المرحة، وقد إنشدت هي ايضا الى وجهه الحالم، وعيناه الواسعتان، ووجد شوبان نفسه منجذبا الى صوتها، فقد كانت في الأصل تجيد الغناء الاوبرالي، ويخبر شقيقته الكبرى ان يحب كونستانيس بعنف:"لقد اكتشفت الفتاة المثالية.. ولعله من سوء حظي" وتنصحه شقيقته بان يحاول التركيز على الموسيقى، فيخبرها ان طريق الهروب من الحب اصبح غير ممكنا، لأن وجود كونستانيس في حياته اصبح له معنى فنيا :"لقد كتبت الحاني، وانا أفكر فيها"..
في تلك الايام يقرر شوبان ان يترك بلدته وارسو، بسبب الاضطرابات السياسية، التي حدثت بعد العصيان المسلح الذي قام به  عدد من ضباط الجيش البولندي ضد ضد حكم الإمبراطورية الروسية لبلادهم، ويخبر شوبان كونستانيس عن رغبته في السفر الى باريس، لم تستطع الفتاة ان تقاوم دموعها وهي تهديه  شريط الحرير الذي كانت تعقد به شعرها وهي تقول له.
- عندما سأتزوج ذات يوم وانجب اولاد سآتي بهم الى هذا المكان، واخبرهم عن الانسان الذي لم أحب احد سواه " .

****
فالس الوداع
في صباح يوم الخامس من تشرين الثاني عام 1830، وقف تلامذة المعهد الموسيقى البولوني ليعزفون لحن الوداع لزميلهم فريدريك وهم يقولون له : فريدريك العزيز  لانتسى بولندا، وتذكر اصدقاءك الفخورين بك، والذين ينتظرون ان تحقق المجد لهذه البلاد،"
وصل شوبان الى باريس  يحمل موسيقاه، وآماله واحلامه  يكتب الموسيقار  المجري فرانز ليست الذي كان اول من التقاه في باريس  : " كان كاحد امراء عالم مجهول، نظراته حالمة، شفتاه رقيقتان، ابتسامته خجوله لكنها تخفي في طياتها مرارة كبيرة " .
في باريس، المدينة الضاجة اكتشف ان وظيفته الأهم ان يصبح عاشقا كبيرا، لم يكن سوى شخص ضعيف البنية ،. نرجسياً متفاخراً  بقدراته الفنية،، اعتبر ان الفوز بامرأة مثل الانتصار في معركة عسكرية  . قال يوما للكاتبة جورج صاند  "ان النساء مثل المقطوعة الموسيقية، لايريد لها العازف ان تنتهي "، يلتقي بماري دووتسكا، صديقة قديمة لعائلته، إلا ان براها نمت كزهرة  تتفجر انوثة طاغية، حاول من خلالها ان ينسى حبه لكونستانيس، ترافقه ماري لزيارة المتاحف ودور الاوبرا ويتفقان على الزواج  ويهديها فريدريك ارق الحانه واجملها " فالس الوداع " بعد ان اخبرته انها مضطرة للعودة الى بولندا،  يصاب من ورائها بالياس،، يكتب لها رسالة يقول فيها  :" كنت وما أزال أحبك، ولكني سأتعذب عذابا كبيرا إذا أنا حاولت نسيان كونستانيس، لقد كنت ومازلت ذا ميول عاطفية عنيفة، إنني على استعداد للقيام بأي شيء من إجل إسعاد المراة التي أحبها  "
وتصله اولى رسائلها، التي تخبره فيها باستحالة مواصلة الحب معه، لقد أدركت ان حياتها مختلفة عن حياته، كل منهما يسير في طريق مختلف، بالاضافة الى انه انسان مصاب بامراض عديدة  واهمها أمراض الحب القديم .
كان شوبان خجولا  في الحياة، جريئا في الحب، تتملكه مشاعر عاطفية عندما يقترب من امراة جميلة، لكنه لايحتفظ  طويلا بحبه، فقد كان يعتقد ان هناك حباً كبيراً ينتظره، وقد اعجب بفلسفة النمساوي باروخ سبينوزا عن الحب، فنراه يكتب في يومياته :" انتهيت من قراءة كتاب الاخلاق لسبينوزا، وفيه تعرفت على تفسير جديد للحب، فالحب لذة ناتجة عن سبب خارجي " كان سبينوزا يعتقد ان الحب ينشأ نتيجة انفعال قوي، سرعان ما يتحول الى نوع من انواع الغيرة  " فالغيرة ليست شيئا آخر سوى زيادة في انفعالات الحب "، ولهذا يعتقد اسبينوزا ان الحب يولد وينشأ من انفعالات، وهو يقارن الحب بالشبح او الطيف، فالجميع يتحدثون عن الحب، لكن قلة هم من رآه .كان هذا المفهوم للحب يستهوي شوبان، فهو احب اكثر من مرة لكنه لم يرى الحب الحقيقي حتى هذه اللحظة، صحيح ان قصة غرامة لكونستانيس ماتزال تهيمن على حياته، لكنها لم تتحول الى عشق عنيف مثلما كان يتمنى
وينبغي ونحن نتحدث عن مفهوم شوبان للحب ان  ندرك حقيقة مهمة وهي ارتباط حياة شوبان الفنية بحكايات غرامه المتعددة، ان ابتسامة امراة جميلة تحرك مواهبه الفنية، كما تحرك احاسيسه العاطفية، فقد كان يقول لفرانز ليست انه يريد ان يواصل العشق حتى يتمكن من الابداع، ولهذا يتعذر ادراك قيمة اعمال شوبان الفنية دون معرفة حياته العاطفية، وهو يعترف في يومياته من ان :" الحب وحده هو الذي يمنحنا السعادة وايضا المزيد من الموسيقى " . ويكتب الى شقيقته :" لست في حاجة إلا لشيء واحد هو الحب، لاشيء يجعلني أرضى عن الوجود سوى احساسي بأن هناك امراة تحبني " .
وكتب مرة لفرانز ليست :" لم احس قط بمثل هذا الانسجام الداخلي الذي أحسه اليوم امام البناء الموسيقي لمعزوفاتي، ان وجود صاند الى جانبي، جعل ألحاني تتفجر برقة في روحي " . هكذا يكشف لنا شوبان من ان لا معنى لحياته من دون الحب، وان هناك حاجة دائمة الى حنان امراة تلهمه، وهو حين ينشد الحب  لايبغي من ذلك سوى الراحة النفسية التي تساعده على الابداع والخلق، لتترك موسيقاه اثراً أقوى من أثر قصائد الغزل .

****
اللقاء الأول
عندما شاهدها للمرة الاولى قال لفرانز ليست الذي أخذه ليعرفه على واحدة من اديبات فرنسا المعروفات :" يا لها من أمراة ثقيلة الظل، هذه ال(جورج صاند)، هل هي حقاً أمراة، أنني أشك في ذلك " .
 ويبدو ان مظهرها الرجولي وعيناها الشبيهتان بعيني فيلسوف لم ترق، كانت  أورورا دويان التي أطلقت على نفسها فيما بعد اسم جورج صاند  في السابعة والعشرين من عمرها  عندما وصلت باريس، حيث راحت تبحث لنفسها عن مورد مالي تعيش منه، هناك تعرفت على  جول صاند وكان يشغل منصب أمين مكتبة، يهتم بالادب وجرب حظه في كتابة الرواية، تزوجته ونشرا معا اول اعمالهما بعنوان " الوردة البيضاء "،
كانت قد جربت الزواج مرتين الاولى وهي  في الثامنة عشر من عمرها من فرانسو ديفان  الذي كان عضوا بالمحكمة العليا، لكن الزيجة لم تدم طويلا إذ سرعان ما تعرضت للانهيار رغم إنجابهما طفلين، بعدها ارتبطت بستيفان جراندساني  أحد نبلاء فرنسا،الذي تركته لتتزوج من جول صاند، في تلك الفترة كانت جورج صاند تتخذ مظهر الرجل في ثيابها وطريقتها في العيش، فارتدت البنطلون، وراحت تدخن السيجار  مما أثار الرأي العام ضدها، وقد حاولت ان تقيم علاقة مع فكتور هيجو لكنها فشلت، وارتبطت بعلاقة قصيرة مع بلزاك، كانت صاند تؤمن بأن المرأة التي تتهالك على الرجل لا تفوز به أبدا، لذلك كانت تجعل الرجال هم الذين يتهالكون عليها، من خلال الادب تعرفت على الفريد دي موسيه أحد اشهر كتاب فرنسا انذاك، وسرعان ما وقع في هواها، إلا ان المرض لم يمهله طويلا  حيث اصيب بمرض  في القلب، فتقرر ان تتركه، لكنها تكتب رواية عن قصة حبهما اسمتها " الصديق الحميم " .
بعدها واصلت الكتابة ليتجاوز عدد كتبها المئة، وقد قالت وهي تعلق على  كثرة مؤلفاتها :" ليس في جميع اعمالي سوى موضوع واحد هو القدرة على الحب "، فمعظم كتبها تحمل قوة العاطفة التي كانت تمتلكها  والتي ألهمتها هذا العدد الكبير من الاعمال الروائية التي جعلت روائيا بحجم فولتير يدعوها " أستاذتي في الحب " .
كانت جورج صاند عندما تعرف عليها شوبان تكبره بسبعة اعوام، رأت فيه منذ اللقاء الاول شاباً رائع الجمال ونجدها تكتب لفرانز ليست تطلب منه ان يقنع صديقه البولوني لزيارتها ثانية ثم تضيف في الرسالة :"   صاحبك هذا برغم ثقته بنفسه، لكنه  يبدو شخصا غامضاً، حتى يخيل لمن لايعرفه بأن هذا الشاب الاشقر، أمير منفي، او ملك  اعتزل عرشه بعد حادث سياسي خطير".
ولن تمر ايام حتى يجد شوبان نفسه من جديد في مواجهة جورج صاند، هذه المرة كان يجلس امام البيانو ليعزف احدى مقطوعاته، بينما جلست صاند مثل طفلة تحت البيانو تستمع لساعات طويلة لهذا الشاب الذي تتخذ موسيقاه شكل الاهات الذاتية، وتمتلئ بالتساؤلات القلقة، وكانت صاند تفهم هذه النجوى كأنها موجهة اليها دون غيرها من النساء فنراها تكتب بعد اللقاء الثاني :" عندما جلس شوبان الى البيانو، وتحركت أنامله  لم اشعر سوى بخطوط غامضة متماوجة تجتمع لتشكل صورة قلقة ضائعة الابعاد، فوجدت نفسي وقد امتلأت بالرنات العذبة، بعدها انطلق بي شوبان، فاذا بي أجد نفسي أعيش في ظلال سماء زرقاء، حيت تتخذ غيوم اللحن الشفافة كل مشاعر الجمال، وتتغير احجامها كما يشاء لها الريح والانسام التي تتجمع ببطء حول القمر لتوقظ فيه اللون  وتبعث الحياة ..كنت استمع الى هذه الموسيقى الآلهية ..انها من أحلام شوبان وتصوراته " .
ونجد شوبان يغير رأيه في صاند ويكتشف ان وراء المظهر الرجولي، قلب امرأة، وجسد انثى تجيد فن العشق، خبرت الحب  وتدرك قيمته ..وبدون ان يدري يجد نفسه يذهب مرة ثالثة الى بيت صاند ويكتب في يومياته : " زرتها للمرة الثالثة، وحَدقت طويلا في عيني، اثناء عزفي على البيانو لحنا يتشح بالفرح، واحسست ان قلبي يراقص قلبها، ونظرت في عينيها وتساءلت  ماذا تقول هاتين العينان السوداوان اذ تحدقان في عيني فتحملان الى اعماق روحي  رعشات غريبة محمومة، كانت تتكئ على البيانو  وتحرقني بنظراتها اللاهبة، وتغمرني بالنشوة الحمراء، ثم تنظر الى الازهار  حولها، قلبي يهتف باسمها انه لها .. تحبني ..اورورا، اي اسم هو هذا، ما أعذبه وما احلى وقعه في أذني " .
وتنظر صاند اليه باعتباره الابن والحبيب الذي دخل الى قلبها  وتكتب في دفتر يومياتها    :" بتحفظه، وباندفاعي .. لا اطلب سوى ان يحطم " صغيري " قيوده التي مازالت الى الآن  تربطه، ومع ذلك  اعتقد ان حبنا لايستمر سوى في الظروف التي ولد فيها، حيث ستقودنا الرياح الطيبة احدنا الى الآخر، ونسافر معا الى النجوم  ثم نفترق لنعود مرة اخرى لنمشي على الارض، لاننا لا مفر ابناء الحياة، ولان الله لم يأذن لنا ان نكمل هروبنا جنبا الى جنب، في السماء علينا فقط ان نلتقي، في قلب واحد يستطيع ان يحتوي على حبيبن معاً، ستكون هناك أجمل الايام التي نشتعل فيها بنار الحب المقدسة " .
كانت صاند تفكر بصوت عال وهي تكتب عن الرجل الذي وقعت في حبه، فتكتب الروايات التي تروي فيها قصة الحب الجديد هذا، وتخبر بلزاك انها تريد ان تكتب عن حكايات الحب التي عاشها شوبان قبل ان يتعرف عليها، لكنها تخشى من رفضه، كان شوبان في هذه المرحلة قد أخذ يشعر بالهدوء وهو الى جانب صاند، وانعكس هدوئه هذا على اعماله الموسيقية، فيما كانت شخصيات صاند في الروايات تأخذ الكثير من ملامح شوبان، وسامته، شحوبه، وايضا بعض ملامحه النفسية، لكن هذه السعادة لم تدم طويلا فسرعان ما أخذت الامراض تغزو جسد شوبان الذي كان يعاني من نوبات سعال شديدة، ويخبرها الدكتور الذي يعالجه ان هذه النوبات غير مطمئنة، وانه في حاجة الى رعاية شديدة لان الالتهاب الذي اكتشفه في الرئة، قد يفسد صدر الموسيقي الشاب .
قررت جورج صاند ان تتخذ من نفسها ممرضة له، فتحيطه بعناية خاصة، وتمنع الجميع من مضايقته، تشرف على طعامه، وتأخذه في نزهات بين الاشجار ليملأصدره بالهواء النقي، وحاولت ان تشغله عن العزف الذي يرهقه فاحاطته بعدد من الاصدقاء، وكان ابرزهم الرسام ديلاكروا، الذي اصبح أقرب الاصدقاء اليه، يتلازمان ليل نهار، واصبحت جلساتهما تستمر لساعات في حديث عن الرسم والموسيقى .
وفي يوم من الايام يشعر شوبان برغبة شديدة للعزف، كانت صاند تكتب بالقرب منه، بينما نهض ديلاكروا ليحضر الوانه وفرشه، ويستمر شوبان في العزف ليؤلف واحدة من اشهر مقطوعاته " ضوء القمر "  ونجد ديلاكروا في نفس الوقت ينتهي من رسم لوحة تجمع صاند بشوبان، كان ذلك عام 1842.   

****
النهاية الحزينة
يكتب شوبان في يومياته :" يقولون ان صحتي في تحسن، نوبات السعال والالآم زالت، ولكنني اشعر بالمرارة في اعماقي  لان عينا اورورا غائمتان، لايلتمعان الا حين اللهو وامرح، عندها تنقلب كآبة العالم حولي فرحا، آه ياحبيبتي اورورا في سبيلك افعل كل شيء " لكن المرض يشتد على شوبان، وكانت صاند ترى الموت في عينيه فقررت أن توثق  جزء حكايتهما في رواية  وان حاولت ان تغير في الاسماء والاماكن، الا ان شوبان شعر بان الامر اشبه بالخديعة، فما ان قرا رواية المركيزة حتى كتب لها رسالة عتاب ذيلها بجملة  '‏ إلى اللقاء يا صديقتي .‏
فهمت صاند ان شوبان اشتد عليه المرض ولا يريد لها ان تتاثر بموته،  وحين حاولت ان تسترضيه وجدته قد سافر الى لندن، حيث فضل ان يصارع الموت هناك، لكنه في اللحظة الاخيرة قرر ان يعود الى باريس ليمت فيها، فهي وطنه الثاني، ولم يكن يتوقع ان صاند ستكون في انتظاره: " لقد جاءت وحدثتني، لكني لا املك القوة للرد، كل شيء يبتعد عني" .
كانت صاند وشقيقته الى جواره  تسالان
- ما الذي نستطيع ان نعطيه لك
* السلام لروحي
- عندما انحت صاند لتقبل وجنته  اكتشف من خلال عينيها الشبه  الكبير مع حبيبته الاولى كونستانيس، وامتلات عينيه بالدموع، ليتوفى شوبان في الخامس عشر من تشرين الاول عام 1849  
في يومياتها تكتب صاند    «أن النظرة التي  كنت القيها على شوبان، ذات نمط أخلاقي، ، فأنا مرتبطة به منذ سنوات  والخلاصة هي أنني سعيدة بأن أقول بأنه يتوجب الثناء عليه من دون تحفظ، لأنه لا شيء في حياة الرجل أدنى من المهمة التي أنجزها  (الفنان) بشكل واسع. «
وفي واحدة من رسائلها، نقرأ: «أين هو، في هذه الساعة، العزيز فريدريك ؟ الغياب والموت لا يختلفان كثيرا، إذنْ فنحن لم نفترقْ، بل توارى أحدنا فقط عن ناظري الآخر، ولكننا نعرف بأننا سوف نلتقي في أيّ مكان... إذنْ لن أقول أبداً وداعاً بمعنى أن الله يفرق بيننا، ولكن بمعنى أننا نتوادع على هذه الأرض أو على أرض أخرى".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تهدد بفرض عقوبات على منشآت مالية حكومية في العراق

الحكومة العراقية تنفي تغيير مواعيد انسحاب قوات التحالف الدولي

قانون الحشد الشعبي يشعل "معركة برلمانية"

نيويورك تايمز: نشطاء يساعدون في انقاذ إيزيديات مختطفات.. 2600 منهم ما يزال مفقوداً

الهجرة تجري فحص DNA لأطفال مخيم الهول السوري

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

رولز رويس أم تِسْلا؟

جُبنة ألسخوت(*)

موسيقى الاحد:أريش فولفغانغ كورنغولد

صورة سيفو في مرآة الوهايبي

نادي السرد في اتحاد الأدباء يحتفي بالقاص حميد الزاملي

مقالات ذات صلة

محمد جبير: اهتمامي بالرواية هو بسبب الحبّ الصافي لعروس الأجناس الأدبية
عام

محمد جبير: اهتمامي بالرواية هو بسبب الحبّ الصافي لعروس الأجناس الأدبية

حوار: علاء المفرجي ولد الناقد محمد جبير في بغداد عام 1955، حصل على البكلوريس تخصص صحافة من قسم الإعلام في كلية الآداب جامعة بغداد. ونال الدبلوم العالي في تخصص الثقافة والحضارة من كلية العلوم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram